لاجل الاضطرار اليه وعدم وجود الاقرب الى الواقع منه كما فى الفتوى فانه قدسسره قال فى البحث عن ما ادعاه ابن قبة ومما ذكرنا ظهر انه لا مجال للنقض عليه بمثل الفتوى لان المفروض انسداد باب العلم على المستفتى وليس له شىء ابعد من تحريم الحلال وتحليل الحرام من العمل بقول المفتى حتى انه لو تمكن من الظن الاجتهادى فالاكثر على عدم جواز العمل بفتوى الغير وكذلك نقضه بالقطع مع احتمال كونه فى الواقع جهلا مركبا فان باب هذا الاحتمال منسد على القاطع وقد يكون الاقدام لاجل مصلحة تزيد على مصلحة ادراك الواقع ولو كانت سلوكية او غيرها فانه قدسسره قد ذكر فيما تقدم ان الخبر قد يكون حجة لاجل اشتماله على مصلحة هى مساوية لمصلحة الواقع او ارجح منها.
(فالاولى لمن يريد) التفصى عن هذا الايراد الثانى وهو تعارض المفهوم والتعليل فى الآية التشبث بما ذكرنا من ان المراد من التبين فى قوله فتبينوا هو الظهور والانكشاف الاطمينانى لا التبين العلمى ويكون المراد من الجهالة الشك او الظن الابتدائى الزائل بعد الدقة والتأمل فيختص التعليل بنبإ الفاسق فقط ولا يعم نبأ العادل كى ينافى المفهوم فان خبر العادل مما يورث الانكشاف الاطمينانى غالبا بخلاف خبر الفاسق ففى الآية ارشاد الى عدم جواز مقايسة الفاسق بغيره وان حصل من قوله الاطمينان فان خبر الفاسق وان كان قد يحصل منه الاطمينان كخبر العادل إلّا ان الاطمينان الحاصل من قول الفاسق يزول بالالتفات الى فسقه وعدم مبالاته بالمعصية وان كان متحرزا عن الكذب (ومنه) يظهر الجواب عمّار بما يقال من ان العاقل لا يقبل الخبر من دون اطمينان بمضمونه عادلا كان المخبر او فاسقا فلا وجه للامر بتحصيل الاطمينان فى الفاسق :
(قوله فتامل) يمكن ان يكون وجه التامل اشارة الى ان الحمل المذكور يوجب كون الآية دالة على حجية مرتبة خاصة من مطلق الظن وهو الظن الاطمينانى والمقصود دلالتها على حجية خبر الواحد بالخصوص لا من حيث كونه من مصاديق الظن المطلق او ان حمله على ذلك خلاف ظاهر لفظ الجهالة ولفظ التبين لان الاول ظاهر فى عدم العلم والثانى فى تحصيل العلم.