(وثانيا) ان المراد من التصديق فى الآية ليس جعل المخبر به واقعا وترتيب آثاره عليه اذ لو كان المراد به ذلك لم يكن اذن خير لجميع الناس اذ لو اخبره احد بزنا احد او شربه او قذفه او ارتداده فقتله النبى صلىاللهعليهوآله او جلّده لم يكن فى سماعة ذلك الخبر خير للمخبر عنه بل كان محض الشر له خصوصا مع عدم صدور الفعل منه فى الواقع نعم يكون خيرا للمخبر من حيث متابعة قوله وان كان منافقا موذيا للنبى صلىاللهعليهوآله على ما يقتضيه الخطاب فى لكم فثبوت الخير لكل من المخبر والمخبر عنه لا يكون إلّا اذا صدق المخبر بمعنى اظهار القبول عنه وعدم تكذيبه وطرح قوله رأسا مع العمل فى نفسه بما يقتضيه الاحتياط التام بالنسبة الى المخبر عنه فان كان المخبر به مما يتعلق بسوء حاله لا يؤذيه فى الظاهر لكن يكون على حذر منه فى الباطن كما هو مقتضى المصلحة فى حكاية إسماعيل المتقدمة ويؤيد هذا المعنى ما عن تفسير العياشى عن الصادق عليهالسلام من انه يصدق المؤمنين لانه صلىاللهعليهوآله كان رءوفا رحيما بالمؤمنين فان تعليل الصدق بالرأفة والرحمة على كافة المؤمنين ينافى ارادة قبول قول احدهم على الآخر بحيث يترتب عليه آثاره وان انكر المخبر عنه وقوعه اذ مع الانكار لا بد عن تكذيب احدهما وهو مناف لكونه اذن خير ورءوفا ورحيما بالجميع فتعين ارادة التصديق بالمعنى الذى ذكرنا ويؤيده ايضا ما عن القمى فى سبب نزول الآية انه ثمّ منافق على النبى صلىاللهعليهوآله فاخبره الله ذلك فاحضره النبى صلىاللهعليهوآله وسأله فحلف انه لم يكن شىء مما ينمّ عليه فقبل منه النبى صلىاللهعليهوآله فاخذ هذا الرجل بعد ذلك يطعن على النبى ويقول انه يقبل كل ما يسمع اخبره الله انى انمّ عليه وانقل اخباره فقبل واخبرته انى لم افعل فقبل فرده الله تعالى بقوله لنبيه صلىاللهعليهوآله (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ومن المعلوم ان تصديقه صلىاللهعليهوآله للمنافق لم يكن بترتيب آثار الصدق عليه مطلقا وهذا التفسير صريح فى ان المراد من المؤمنين المقرون بالايمان من غير اعتقاد فيكون الايمان لهم على حسب ايمانهم.
(حاصل الايراد الثانى) منع كون المراد من التصديق فى الآية هو التعبد