التصديق فى الآية هو التعبد بثبوت المخبر به وترتيب الاثر عليه بل المراد منه مجرد اظهار القبول وعدم المبادرة الى تكذيب المخبر وعدم نسبة الكذب اليه بالمواجهة وهذا امر اخلاقى دلّ عليه بعض الروايات كقوله عليهالسلام كذّب سمعك وبصرك عن اخيك فان شهد عندك خمسون قسامة انه قال قولا وقال لم اقله فصدّقه وكذّبهم ومن الظاهر انه ليس المراد من التصديق هو العمل بقوله وترتيب الاثر عليه وإلّا لم يكن وجه لتقديم اخبار الواحد على اخبار الخمسين مع كونهم ايضا من المؤمنين بل المراد هو المعنى الذى ذكرناه من كونه مجرد اظهار القبول وعدم المبادرة الى تكذيبه.
(ومما يؤيد) ذلك ما فى تفسير على بن ابراهيم القمى من ان الآية الشريفة نزلت فى عبد الله بن نفيل فانه كان يسمع كلام النبى صلىاللهعليهوآله وينقله الى المنافقين حتى اوقف الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوآله على هذه النميمة فاحضره النبى صلىاللهعليهوآله وسأله عنها فحلف انه لم يكن شيء مما ينمّ عليه فقبل منه النبى صلىاللهعليهوآله فاخذ هذا الرجل يطعن عليه صلىاللهعليهوآله ويقول انه اذن يقبل كل ما يسمع اخبره الله انى انمّ عليه فقبل واخبرته انى لم افعل فقبل فرد عليه الله سبحانه بقوله (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) الآية ومن المعلوم ان تصديقه صلىاللهعليهوآله للمنافق لم يكن إلّا بمعنى عدم اظهار تكذيبه بما فيه من ادائه الى العداوة والبغضاء فيما بينهم مع العمل بما تقتضيه المصلحة من الاحتياط حسب ما يقتضيه المقام فمدحه سبحانه نبيه (ص) انما كان من اجل هذه الجهة حيث انه (ص) من جهة محاسن اخلاقه ورأفته بالامة لم يكن يبادر الى تكذيب من يخبره بخبر يعلم بكذبه بل كان يظهر له القبول من غير ترتيب اثر عملى على اخباره هذا.