بثبوت المخبر به وترتيب آثاره عليه وانما هو بمعنى مجرد اظهار القبول وعدم المبادرة الى تكذيب المخبر فيما يخبر به والانكار عليه كما يشهد له تكرار لفظ الايمان وتعديته فى الاول بالباء وفى الثانى باللام لا ان المراد منه هو سريع الاعتقاد.
(كيف) وان ذلك لا يناسب مقام النبوة فضلا عن كونه كمالا له وموجبا لمدح الله سبحانه اياه فكانت الآية الشريفة فى مقام بيان آداب المعاشرة مع الناس من اظهار القبول فيما يقولون وعدم المبادرة الى تكذيبهم والانكار عليهم لما فيه من ادائه الى العداوة والبغضاء فيما بينهم مع العمل بما تقتضيه المصلحة من الاحتياط حسب ما يقتضيه المقام.
(فمدحه سبحانه) نبيه انما كان من اجل هذه الجهة حيث انه صلىاللهعليهوآله من جهة محاسن اخلاقه ورأفته بالامة لم يكن يبادر الى تكذيب من يخبره بخبر يعلم بكذبه بل كان يظهر له القبول من غير ترتيب اثر عملى على اخباره.
(ويؤيد المعنى المذكور) ما عن تفسير العياشى عن الصادق عليهالسلام من انه يصدق المؤمنين لانه صلىاللهعليهوآله كان رءوفا رحيما بالمؤمنين فان تعليل التصديق بالرأفة والرحمة على كافة المؤمنين ينافى ارادة قبول قول احدهم على الآخر بحيث يترتب عليه آثاره وان انكر المخبر عنه وقوعه اذ مع الانكار لا بد عن تكذيب احدهما وهو مناف لكونه اذن خير ورءوفا ورحيما لجميع المؤمنين على ما يقتضيه الخطاب فى لكم فثبوت الخبر لكل من المخبر والمخبر عنه لا يكون إلّا اذا صدق المخبر بمعنى اظهار القبول عنه وعدم تكذيبه وطرح قوله رأسا مع العمل فى نفسه بما يقتضيه الاحتياط التام بالنسبة الى المخبر عنه فتعين ارادة التصديق بالمعنى الذى ذكره قدسسره فى هذا الايراد الثانى
(قوله على ما يقتضيه الخطاب فى لكم) اقول وجه الاقتضاء ظهور الآية بل صراحتها فى الخطاب متوجها الى الذين يؤذون النبى صلىاللهعليهوآله.
(ويؤيده ايضا) ما عن القمى (ره) فى سبب نزول الآية انه نمّ منافق على النبى (ص) فأخبره الله ذلك فاحضره النبى (ص) وسأله فحلف انه لم يكن شىء مما ينمّ عليه فقبل منه النبى (ص) فاخذ هذا الرجل بعد ذلك يطعن على النبى (ص)