التعليل فى ذيل الآية وهو قوله تعالى (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) مما يدل منطوقا على ان الخبر الذى لا يؤمن الوقوع فى الندم من العمل به ليس بحجة ولو كان المخبر عادلا فلا محالة يكون المراد من التعليل ان العمل بخبر الفاسق معرض للوقوع فى المفسدة ومظنة للندامة وهذه لعلة تقتضى التبين فى خبر العادل ايضا لان عدم تعمّده بالكذب لا يمنع عن احتمال غفلته وخطأه فيكون العمل بخبره ايضا على قولهم معرضا للوقوع فى المفسدة فيكون مفاد التعليل عدم جواز العمل بكل خبر لا يفيد العلم بلا فرق بين ان يكون الآتي به فاسقا او عادلا فان المراد من الجهالة عدم العلم بمطابقة المخبر به للواقع وهو مشترك بين خبر العادل والفاسق فعموم التعليل يقتضى وجوب التبين عن خبر العادل ايضا فيقع التعارض بينه وبين المفهوم والترجيح فى جانب عموم التعليل لانه اقوى ظهورا من ظهور القضية الشرطية فى المفهوم (قيل) ان هذا الايراد الثانى مبنى على ان يكون المراد من الجهالة فى التعليل عدم العلم كما تعرضنا له فى بيان استدلالهم ولكن الظاهر ان المراد من الجهالة السفاهة والاتيان بما لا ينبغى صدوره من العاقل فان الجهالة كما تستعمل بمعنى عدم العلم كذلك تستعمل بمعنى السفاهة ايضا وليس العمل بخبر العادل سفاهة كيف والعقلاء يعملون بخبر الثقة فضلا عن خبر العادل بخلاف خبر الفاسق فان الاعتماد عليه يعدّ من السفاهة والجهالة فخبر العادل لا يشارك خبر الفاسق فى العلة.
(ويؤيد) استعمال الجهالة بمعنى السفاهة قوله تعالى فى سورة النساء (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) الآية فان الظاهر من الجهالة فى الآية بقرينة قوله ثم يتوبون من قريب ليس ما يقابل العلم بل المراد منها صدور ما لا ينبغى صدوره عن العاقل المتأمل فى عواقب الامور اى انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بسفاهة ثم يندمون ويتوبون من قريب فيتوب الله عليهم.
(وقد ذكر الطبرسى) قدسسره فى تفسير الآية انه روى عن أبى عبد الله عليهالسلام انه قال كل ذنب عمله العبد وان كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه