لكن كأنه يظهر من المجلسي في البحار أنه فهم منه مقبرة الغري حيث رواه عن سهل في هذا المضمار.
وكيف كان فمما ذكرنا ينقدح وجه ما ذكره الشهيد ، وتبعه عليه بعض من تأخر عنه من إلحاق نحو المقبرة التي فيها قوم صالحون بمشاهد الأئمة عليهمالسلام في رجحان النقل إليها لتناله بركتهم ، وكذا الشيخ في المبسوط قال : « ويستحب أن يدفن الميت في أشرف البقاع ، فان كان بمكة فبمقبرتها ، وكذلك المدينة والمسجد الأقصى ومشاهد الأئمة عليهمالسلام ، وكذا كل مقبرة تذكر بخير من شهداء وصلحاء وغيرهم » انتهى.
فظهر من ذلك كله أنه لا جهة للإشكال في أصل رجحان ذلك رجاء للنفع ودفعا للضرر ، وخبر دعائم الإسلام مع الطعن في مصنفه قد عرفت حمله على الكراهة ، بل كاد يكون إيصاء الميت بذلك عليه كاللازم ، نعم قد يستثنى من الرجحان المذكور الشهيد لأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدفنهم في مصارعهم عند إرادة أصحابه نقلهم ، ومن هنا نص عليه في الذكرى بل في الدروس أنه المشهور ، إنما الإشكال في بعض أفراد النقل ، منها ما هو مستعمل في مثل زماننا من الأمكنة البعيدة جدا بحيث لا يجيء الميت إلا متغيرا كمال التغيير حتى يكاد لا يستطيع أن يقرب إليه أحد ، وربما تقطعت أوصاله وجرى قيحه ونحو ذلك ، ولم أعثر على من نص على جواز حمله ، إلا أنه كان يفتي به الأستاذ المعتبر الشيخ جعفر تغمده الله برحمته ، حتى ترقى إلى أنه قال : « إنه لو توقف نقله على تقطيعه إربا إربا جاز ، ولا هتك فيه للحرمة إذا كان بعنوان النفع له ودفع الضرر عنه كما يصنع مثله في الحي ».
وقد يستدل له بالأصل أولا وبفحوى خبر اليماني وغيره مما تقدم ثانيا ، وبما أشار إليه من الرجحان القطعي العقلي ، وبأولويته من النقل بعد الدفن الآتي ، وبإطلاق