على تقدير الوجوب وإجماع الغنية المتقدم في الصلاة مع أولوية ما نحن فيه منها عند التأمل ، وإلى الأصل والعمومات والإطلاقات ، بل كاد بعضها يكون كالصريح بعدم اعتبار الأولوية مع عدم نهوض دليل يعتد به على الوجوب لا من الآية ولا الرواية ـ أن اعتبار إذن الولي في غاية الصعوبة ، سيما مع التعدد وعدم حضور الجميع أو البعض وإمكان الانتظار وعدمه ، فلا يعلم حينئذ سقوطها أو انتقالها إلى حاكم الشرع ، وإلا فعدول المسلمين ، وسيرة المسلمين على خلاف ذلك كله ، إذ لم نسمع يوما من الأيام التعرض لشيء من ذلك ، كما أنا لم نر أحدا توقف في تغسيل ميت لاولي له على استئذان حاكم الشرع أو عدول المسلمين ، ولا أحدا عطل ميتا لانتظار قدوم وليه فيغسله أو يستأذن منه ، ولا أحدا أعاد غسل ميت مثلا لخلل في ذلك ، وخلو النصوص عن التعرض لتفصيل شيء ، من هذه الأحكام وغيرها مع كثرتها وصعوبة معرفة الحكم فيها ـ أكبر شاهد على عدم الوجوب ، بل قد يشعر لفظ الأولى فيها بالاستحباب ككثير من كلمات الأصحاب ، كاشعار لفظ الأولى والأحق في الصلاة أيضا.
ويزيده إشعارا مشاركته لما ورد (١) في المكتوبة من تقديم الأقرأ والأفقه والأسن ، والعدول إلى لفظ الغاصب هنا فيما تقدم عن لفظ البطلان أو عدم الصحة أو نحو ذلك ، هذا. مع أن القول بالوجوب مستلزم أحكاما كثيرة مخالفة للأصل ليس في شيء من الأخبار تعرض لشيء منها ، إلى غير ذلك من المؤيدات الكثيرة ، فتأمل جيدا. والمقصود من هذا كله أن ارتكاب التشكيك في وجوب الأولوية أهون من ارتكابه في الوجوب الكفائي ، وإن كان الأقوى خلافهما معا ، والمتجه القول بالوجوب الكفائي مع وجوب مراعاة الأولوية المذكورة ، فلا يجوز غسله ولا دفنه ولا تكفينه ولا غير ذلك من سائر أحكامه الواجبة بدون إذنه ، سيما مع نهي الولي وإرادة فعله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب صلاة الجماعة.