الرجل يموت وهو جنب ، قال : يغسل من الجنابة ثم يغسل بعد غسل الميت » ونحوه في الدلالة على ذلك خبراه الآخران (١) وقال الشيخ بعد ذكر هذه الأخبار : هذه الروايات الثلاثة لا تنافي ما قدمنا من الأخبار ، لأن أول ما فيها أن الأصل فيها واحد ، وهو عيص بن القاسم ، ولا يجوز أن يعارض بواحد جماعة كثيرة ، ولو صح لاحتمل أن تكون محمولة على ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب ، ثم ذكر غير ذلك ، فتأمل. لكن مع ذلك كله فالأحوط في خصوص المقام تعدد الأغسال للجنابة أو للحيض أو نحوهما قبل أن يقتل وإن كان في ثبوت مثل ذلك بالنسبة إلى الميت نظر بل منع ، حتى أن المصنف في المعتبر نفى التعدد وجوبا واستحبابا في الجنب والحائض إذا ماتا مدعيا أنه مذهب أهل العلم ، وتحرير المسألة محتاج إلى إطناب تام لا يسعه المقام.
لكن بقي شيء وهو أنه بناء على المختار من عدم وجوب رفع الأحداث لنفسها ولما تكن غاية تجب لها فهل يجب على المكلف رفع الجنابة بناء على عدم التداخل أولا؟ لعل الثاني أقوى للأصل مع عدم وضوح دليل معتبر على وجوب الطهارة من ذلك بالنسبة للموت ، فتأمل جيدا.
ثم ان ظاهر النص والفتوى الاجتزاء بهذا الغسل عنه بعد الموت إذا قتل بذلك ، أما إذا مات حتف أنفه وجب تغسيله قطعا اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن ، وكذا إذا قتل بغير السبب الذي اغتسل لأن يقتل به ، نعم قد يستشكل في وجوب التجديد لو عدل عن قتله بذلك السبب إلى آخر سيما فيما لو كان موافقا للأول ، كما لو كان القصاص مثلا عليه بسبب قتل شخصين فأراد ولي أحدهما القصاص منه فاغتسل لذلك ، ثم أنه عفي عنه مثلا فأراده الآخر ، وإن استظهره جماعة منهم الشهيدان والمحقق الثاني ، بل لعل الأقوى عدمه وإن كان الأحوط الأول سيما مع اختلاف السبب كالقود
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٥ و ٦.