وقد ظهر لك من ذلك الحكم في جميع أطراف المسألة حتى ما ذكره المصنف وغيره ونص عليه في الخبرين السابقين ، بل لا أجد فيه خلافا من أنه لو تصرف البالغ ثم بلغ الصبي لم يكن له نقض شيء مما أبرمه في الزمن السابق الذي لا شركة له فيه؟ إذ لا ريب في ظهور عبارة الموصى في إرادة الوصاية للكبير وأنه إذا بلغ الصبي شاركه ، فليس له نقض شيء من ذلك إلا أن يكون مخالفا لمقتضى الوصية بل مثله منقوض لنفسه ، لا يحتاج إلى نقض كما هو واضح.
ومن الغريب ما في القواعد ، فإنه بعد أن ذكر ما هنا بتمامه ، قال : « وهل يقتصر البالغ من التصرف على ما لا بد منه؟ نظر » وهو مناف لإطلاق النص والفتوى ، بل ولما هو كالصريح من خبر علي بن يقطين (١) فلاحظ وتأمل.
بقي الكلام في شيء لم أجد تصريحا به من أحد ، وهو لو مات الكبير مثلا قبل بلوغ الصبي والمتجه على ما قلناه صحتها لو بلغ ، وإن رجع الأمر إلى الحاكم قبل البلوغ فإذا بلغ استقل في وجه ، وداخله الحاكم في آخر ، وأما احتمال بطلان وصاية الصبي ـ ولو بعد البلوغ ، باعتبار اشتراط صحتها ابتداء ، واستدامة بالانضمام المفروض انعدامه قبل البلوغ ـ فهو واضح الضعف ـ لمنافاته الاستصحاب وغيره.
نعم قد يشكل تولى الحاكم الأمر قبل البلوغ ـ بناء على ما عساه يظهر من بعضهم من ثبوت الوصاية للصبي حال الانضمام وإن لم يجز له التصرف ، ـ بأنه لا ولاية له مع وجود الوصي ، فالمتجه له حينئذ الانتظار إلى البلوغ ، إلا فيما لا بد منه ، إلا أن ذلك كما ترى ، ضرورة عدم تعقل ثبوت ولاية وسلطنة للطفل على غيره ، سيما إذا كان مميزا وهو غير مميز ، كما هو مقتضى إطلاق كلامهم هذا.
وقد عرفت سابقا أن من شرائط الوصي الإسلام فـ ( لا تجوز ) حينئذ الوصية من المسلم إلى الكافر ولو كان رحما بلا خلاف كما في الرياض لقصوره عن منصب الولاية عن المسلم وعليه ، إذا (٢) ( الْمُؤْمِنُونَ ( وَالْمُؤْمِناتُ ) بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) ، بل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.
(٢) سورة التوبة الآية ـ ٧١.