البر والتقوى.
وعلى كل حال فمحل التردد أو المنع غير ما يضطر إليه الأطفال والدواب وحفظ المال المشرف على التلف ونحو ذلك مما هو واجب على الناس كفاية والله العالم.
ولو أوصى بالنظر في مال ولده إلى أجنبي وله أب ، لم يصح وكانت الولاية إلى جد اليتيم الصالح للولاية دون الوصي بلا خلاف أجده فيه في الجملة ، بل الظاهر الإجماع عليه ، لما عرفت من ترتب ولاية الوصي على ولاية الأب الصادق على الجد واشتراكهما في الولاية حال حياتهما ـ ولو مرتين كما في جامع المقاصد والمسالك وإن كان الأصح خلافه ، سيما في النكاح ـ لا يقتضي جواز تولية أحدهما على وجه يشارك الآخر بعد موته ، بل الأصل يقتضي عدم ذلك ، مضافا إلى ما دل على ولاية الجد والأب (١) مما هو ظاهر في انحصار أمر الطفل فيهما مع وجودهما أو أحدهما على وجه ينافيه ولاية أحدهما مع وصي الآخر ، وإلى ظهور اتفاق كلمة الأصحاب عليه.
إنما الكلام في بطلان الوصية على الوجه المزبور من رأس كما هو أحد الأقوال في المسألة ، أو بطلانها في زمان حياة ـ الجد ، فإذا مات ثبتت وصاية الوصي لعدم المعارض لها حينئذ ، أو بطلانها فيما عدا الثلث ، كما أشار إليه المصنف بقوله وقيل : يصح ذلك في قدر الثلث ما تركه لأن له إخراجه عن الطفل ، فله التولية عليه بالأولى ، وفي أداء الحقوق كوفاء الدين ونحوه مما لا مدخلية له في ولاية الطفل ، ولا أقوى الأول لما سمعت من عدم ولاية للأب مع وجود الجد ، وبالعكس فلو صرح أحدهما بوصاية الوصي بعد موت الآخر لم يكن صحيحا لعدم الولاية له في هذا الحال ، ولو بالنسبة إلى الزمان المتأخر ، فضلا عن محل الفرض ، وإن جوزنا التعليق في الوصية والتأخير في زمانها ، لكن فيما للموصى الولاية عليه ، ولا فرق بين الثلث وغيره بعد أن لم يخرجه عن ملك الطفل ، ضرورة صيرورته كباقي أموال الطفل التي ولايتها بيد الولي الإجباري ، وولايته على إخراجه عنه لا تقتضي جواز التولية عليه ـ وهو للطفل ـ المنافي لما دل على أن ولاية ماله لجده.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب عقد النكاح وباب ـ ٨٨ ـ من أبواب أحكام الوصايا.