للملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمته ، أو وجوب شيء وحرمة ضدّه ، أو إدراكه للملازمة بين ما يحكم به العقل وما يحكم به الشرع ، وكذلك إدراكه لحجية المدركات العقلية القطعية ، فإنّ مثل هذه القضايا لو افترض تماميّتها لأمكن الاستفادة منها لاستنباط كثير من الأحكام الشرعية ، فمثل إدراك العقل لاستحالة التكليف بغير المقدور يمكن أن يستفاد منه لنفي كل تكليف يلزم من ثبوته التكليف بغير المقدور ، كما يمكن أن يساهم هذا المدرك العقلي في إثبات شرطية القدرة في كلّ التكاليف التي ثبت أن المكلّف مسؤول عن امتثالها.
وهذا ما يجعل مثل هذه القضايا عناصر مشتركة في الاستنباط.
القسم الثاني : القضايا العقليّة التي لو تمّت لما أمكن الاستفادة منها إلا في موردها ، فهي وإن كانت صالحة لأن يستنبط منها حكم شرعي ، إلا أنّ هذه الصلاحية غير مطّردة ، فيكون وزان هذه القضايا وزان بحث مسألة الصعيد والكر أو أنّ هذه الرواية معتبرة سندا ، فكما أنّ إثبات اعتبار رواية ما لا يساهم إلا في الكشف عن الحكم الشرعي المختص بموردها ، فكذلك هذا النحو من القضايا العقلية.
ويمكن التمثيل لهذه القضايا بما يدركه العقل من قبح ضرب اليتيم تشفيّا ، فإنّ هذه القضية وإن كانت تصلح للكشف عن حكم شرعي وهو حرمة ضرب اليتيم شرعا إلا أنها لا تصلح للكشف عن أحكام شرعية أخرى لا تتصل بموردها.
وكذلك يمكن التمثيل بما يدركه العقل من حرمة فعل اعتمادا على ما ثبت عن الشارع من ثبوت نفس ذلك الحكم لموضوع آخر.