ومع اتضاح ما تنقسم عليه القضايا العقلية يتّضح ما هو الداخل منها في علم الأصول ، وما هو الخارج عن بحث علم الأصول ، فإنّه لمّا كانت ضابطة المسألة الأصوليّة هي كل دليل يمكن أن يقع في طريق استنباط كثير من الأحكام الشرعية في مختلف الأبواب الفقهيّة ، فهذا يقتضي أن يكون القسم الأول من القضايا العقلية داخلا في البحث الأصولي ، غاية ما في الأمر أنّ بعض القضايا تبحث على أساس أنّها صغرى لدليلية الدليل العقلي ، والبحث الآخر ـ وهو حجية الدليل العقلي ـ تبحث على أساس أنّها كبرى لدليليّة الدليل العقلي ، فيكون مسار البحث في الصغرى هو البحث عن إدراك العقل لقضية من القضايا وعدم إدراكه وما هو المصحّح لهذا المدرك العقلي ، ويكون البحث عن الكبرى بحثا عن أن مدركات العقل هل هي حجة أو لا؟ وما هو الدليل على حجيّتها؟
فمثلا نبحث في علم الأصول عن إدراك العقل للملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، وما هو المصحّح لهذه القضية العقلية ، وهذا بحث صغروي ، ونبحث أيضا عن حجيّة هذه القضية العقلية ، وهل أنّها صالحة للكشف عن الحكم الشرعي ، وهذا هو البحث الكبروي.
أما القسم الثاني من القضايا العقلية ، فلمّا لم يكن عنصرا مشتركا ، فهذا يقتضي خروجه عن البحث الأصولي ، ويتم بحثه في علم الفقه نظير البحث عن مسألة الصعيد ومسألة الكر ، نعم البحث الكبروي وهو البحث عن حجية هذا النحو من القضايا العقلية داخل في البحث الأصولي ؛ وذلك لأنّ الكبرى من القضايا العقلية الصالحة لأن يستنبط منها أحكام شرعية من مختلف الأبواب الفقهيّة ، إذن البحث الكبروي بحث أصولي على