موضوعها هو الشك في التكليف؟
والجواب عن هذا الإشكال قد اتّضح ممّا ذكرناه مرارا من أنّ الشك في الموضوع قد يؤول إلى الشكّ في فعليّة الحكم ؛ وذلك لأنّ المكلّف في موارد الشك في الموضوع وإن كان يعلم بالحكم إلاّ أنّه يعلم بأصل جعله أمّا فعليته فهي مشكوكة ، إذ أنّه حينما يشك في مصداقيّة هذا السائل للخمر فهذا يعني أنّه يشكّ في تحقّق موضوع الحرمة ، ومن الواضح أنّ فعليّة الحرمة تابع لتقرّر موضوعها وإحرازه ، فالشك في تحقّق الموضوع يساوق الشك في فعليّة الحرمة لذلك الموضوع.
وإنّما قلنا إنّ الشك في الموضوع قد يؤول إلى الشك في فعليّة الحكم لأنّ الشك في الموضوع قد لا يؤول إلى ذلك.
وتمييز الحالات التي يؤول فيها الشك في الموضوع إلى الشك في فعليّة الحكم عن حالات الشك في الموضوع التي لا تكون كذلك هو الذي يحدّد مجرى أصالة البراءة وأصالة الاشتغال العقلي ، فالحالات التي يؤول فيها الشك في الموضوع إلى الشك في فعليّة الحكم هي مجرى أصالة البراءة والحالات الأخرى مجرى لأصالة الاشتغال العقلي.
وبتعبير آخر : إنّ فعليّة كلّ حكم مقيدة بتحقّق موضوعها خارجا ، والشك في الموضوع عبارة ثانية عن الشك في تحقّق قيد الفعليّة للحكم.
ومن هنا لا بدّ من بيان أنحاء الشك في الموضوع أو قل أنحاء الشك في قيد الفعليّة للحكم :
النحو الأوّل : أن يكون الشك في وجود قيد الفعليّة للحكم خارجا مع العلم بأصل وجود الحكم « الجعل » وأنّه مقيد بذلك القيد.