ومثاله وجوب صوم شهر رمضان المبارك ، فإن وجوب الصوم معلوم وإنّ فعليته منوطة بحلول شهر رمضان معلومة أيضا إلاّ أنّ الشك يقع في حلول شهر رمضان وعدم حلوله ، أي أنّ الشك في تحقّق قيد الفعليّة خارجا.
وهنا لا إشكال في جريان البراءة الشرعيّة وعدم وجوب الصوم في ذلك اليوم الذي وقع فيه الشك من جهة أنّه من أيّام شهر رمضان أو لا ؛ لأنّ هذا النحو من الشك يؤول إلى الشك في فعليّة التكليف بوجوب الصوم في ذلك اليوم ، وهو موضوع البراءة.
النحو الثاني : أن يكون قيد الحكم معلوم الوجود خارجا في بعض الأفراد ومشكوك الوجود في البعض الآخر ، وهذا النحو على قسمين :
القسم الأوّل : أن يكون الحكم شموليّا أي أنّه منحلّ إلى أحكام بعدد أفراد الطبيعة المجعول عليها الحكم ، وذلك مثل قوله تعالى ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى ) (١) فإنّ الحرمة للزنا شموليّة ، أي أنّها منحلّة إلى حرمات بعدد أفراد طبيعة الزنا.
فتارة يعلم المكلّف أنّ وطأ هذه المرأة زنا ، ويشك في صدق الزنا على وطأ المرأة الثانية ، والشك في صدق الزنا على وطأ الثانية يساوق الشك في فعليّة حرمة وطأ هذه المرأة فتجري البراءة عن ذلك ؛ لأنّه شك في التكليف الزائد أي أنّه يعلم بثبوت حرمات بعدد أفراد طبيعة الزنا ويشك أنّ هذا الفرد ممّا ثبتت له حرمة بالإضافة إلى الحرمات الأخرى المعلوم ثبوتها ،
__________________
(١) سورة الإسراء آية ٣٢.