فهو إذن شك في تكليف زائد فيكون مجرى لأصالة البراءة ، إلاّ انّ جريان أصالة البراءة إنّما هو بقطع النظر عن سائر الأصول الأخرى التي قد تكون مقدّمة على هذا الأصل ، وإنّما قلنا بجريان أصالة البراءة في مقابل أصالة الاشتغال.
ولمزيد من التوضيح نذكر مثالا آخر.
لو قال المولى « أكرم العلماء » فلو أنّ المكلّف يعلم باتصاف بعض بعض الأفراد بصفة العالميّة إلاّ أنّه يشك في أنّ زيدا هل هو متوفّر على صفة العالميّة أو لا ، في مثل هذه الحالة هل يجب إكرام زيد أو لا.
نقول إنّ الوجوب لمّا كان شموليا فهو ينحلّ إلى وجوبات بعدد أفراد المتّصفين بالعالميّة ، فما هو معلوم مصداقيّته لعنوان العالم فإنّه يكون موضوعا لوجوب الإكرام وإنّما الكلام في من يشك في عالميّته هل يجب إكرامه؟
والجواب هو أنّه لا يجب إكرامه بل تجري البراءة عن وجوب إكرامه ؛ لأنّ الشك في عالميّته يساوق الشك في فعليّة وجوب إكرامه فيكون شكا في تكليف زائد على التكاليف المتعدّدة بعدد أفراد طبيعة العلماء ، والشك في التكليف الزائد مجرى لأصالة البراءة.
القسم الثاني : أن يكون الحكم بدليّا أي أنّ المطلوب هو صرف الوجود ، وصرف الوجود يتحقّق بفرد من أفراد الطبيعة المجعول عليها الحكم ، فالمكلّف في سعة من جهة اختيار أي فرد من أفراد تلك الطبيعة.