ومثاله قوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (١) فإنّ الأمر هنا بدلي ، أي أنّ المطلوب هو صرف الوجود من طبيعة التيمّم وهو يتحقّق بفرد من أفراد التيمّم ، فلو كان المكلّف يعلم بمصداقيّة هذه الكيفيّة للتيمّم ويشك في أنّ الكيفيّة الثانية ـ مثل الضرب مرة واحدة أو التي لا يكون معها علوق ـ هل هي فرد من أفراد طبيعة التيمّم أو لا فإنّ هذا الشك لا يساوق الشك في فعليّة التكليف الزائد ، و
هذا هو المميّز بين هذا القسم والقسم الأوّل.
فحينما يقع الشك في مصداقيّة هذه الكيفيّة للتيمّم فإنّه لا يكون شكا في التكليف الزائد ؛ وذلك لأنّه لو كان هذا الفرد واقعا من أفراد التيمّم لما كان ذلك مستوجبا لثبوت تكليف زائد ؛ لأنّ الوجوب لمّا كان بدليّا فإنّ الواجب حينئذ يكون صرف الوجود.
ومن هنا لا بدّ أن يكون الفرد المأتي به ممّا يحرز أنّه من أفراد الطبيعة المجعول عليها الحكم وإلاّ لا يحرز امتثال المأمور به ، ومع عدم إحراز الامتثال تجري أصالة الاشتغال العقلي.
النحو الثالث : هو الشك في تحقّق متعلّق الوجوب خارجا ، كما لو شكّ في أنّه صلّى صلاة الظهر المعلوم وجوبها أو لم يصلّ ، فالشك هنا متمحّض في تحقّق متعلّق الأمر خارجا ، وبهذا لا يكون محرزا للخروج عن عهدة التكليف المعلوم ، ومن هنا تجري أصالة الاشتغال.
النحو الرابع : الشك في وجود مسقط شرعي للتكليف ، وقد قلنا ـ في بحث مسقطات التكليف ـ إنّ المسقط الشرعي هو الفعل الذي كشف
__________________
(١) سورة النساء آية ٤٣.