بيان ، فيكون مصداقا لمفهوم الغاية في الآية المباركة ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (١) وكذلك قوله تعالى ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) (٢) ، فإنّ منطوق الآيتين هو نفي العذاب إلى أن يتحقق البيان ، فمفهومهما هو ثبوت العذاب حالة وجود البيان ، ولمّا كان العلم بالجامع بيان فهذا يقتضي كونه من مصاديق المفهوم لا المنطوق وبالتالي يخرج المورد عن موضوع البراءة ، إذ أن افتراض الترخيص في المخالفة القطعيّة يعني التوسعة في موضوع البراءة الشرعيّة ، إذ أنّ موضوعها حينئذ هو الأعم من البيان وعدم البيان ، وهذا ما لا يمكن الالتزام به ، وبذلك لو كان هناك إطلاق في بعض أدلّة البراءة فلابدّ من التصرّف فيه.
ومن هنا يكون المتعيّن هو ما ذكرناه في مقام الثبوت بناء على الاستحالة وهو مبنى المشهور ، إذ أنّنا توصّلنا ـ هنا في مقام الإثبات ـ إلى المنع من الترخيص في المخالفة القطعيّة بواسطة القرينة العقلائيّة وكذلك التقريب الثاني وهو خروج محل الكلام عن موضوع أدلّة البراءة ، وحينئذ لا تجري البراءة إلاّ في المقدار الزائد عن الجامع ، ولمّا لم يكن منطبق الجامع متشخصا يكون إجراء البراءة في أحد الأطراف دون الآخر من الترجيح بلا مرجّح بعد أن كان دليل الأصل المؤمّن شاملا لكل واحد بخصوصه على حدّ شموله للآخر ، وهذا ما يستوجب سقوط الأصل عن كلّ الأطراف.
وبهذا يسقط التأمين الشرعي عن المقدار الزائد عن الجامع أيضا ،
__________________
(١) سورة الإسراء آية ١٥.
(٢) سورة اللتوبة آية ١١٥.