تستوجب البناء على تقيّد كل تلك التكاليف بالقدرة على متعلّقاتها.
وهذا لا يختصّ بالتكاليف الإلزاميّة بل هو شامل للتكاليف غير الإلزاميّة أيضا وهي الاستحباب والكراهة ، فكما يستحيل جعل الوجوب على فعل غير مقدور أو جعل الحرمة على ارتكاب فعل يتعذّر على المكلّف تركه ، فكذلك يستحيل البعث الاستحبابي نحو فعل خارج عن القدرة أو الزجر الكراهتي عن فعل يكون تركه خارجا عن قدرة المكلّف ، وكذلك يستحيل التكليف بغير المقدور مطلقا ، حتى في موارد كون التكليف مقيدا بقيد داخل تحت اختيار المكلّف ، كما لو قال الآمر إن اشتريت حيوانا فيجب عليك أن تجعله قارئا للقرآن ، فإنّ القيد الذي علّق عليه التكليف غير المقدور وإن كان اختياريّا ، إلا أنّ ذلك لا يرفع استحالة التكليف بغير المقدور ، لعين ما ذكرناه في منشأ الاستحالة.
وبهذا البيان اتّضح أنّ الاستحالة لا تختص بالإدانة والمؤاخذة ، بل إنّ أصل التكليف بغير المقدور مستحيل أيضا ، وذلك لاستحالة البعث والتحريك نحو غير المقدور ، وقد قلنا إنّه يكفي في استحالة أصل التكليف هو تعذّر وقوع أحد مراحله الثلاث ، وقد ثبت ممّا تقدّم أنّ المرحلة الثالثة وهي الاعتبار بداعي البعث متعذّرة الوقوع.
ومن هنا قلنا إنّ أصل التكليف بغير المقدور مستحيل وإنّ كل تكليف فهو مشروط بالقدرة ، نعم مبادئ الحكم والتي هي الملاك والإرادة لا يلزم من تعلّقها بالأفعال كون تلك الأفعال مقدورة كما اتّضح ممّا تقدّم.
إلاّ أنّه من الممكن أن تكون مبادئ الحكم مشروطة بالقدرة بحيث