تنتفي المصلحة والإرادة عن الفعل حين افتراض عدم القدرة على تحقيقه.
ومن هنا يمكن أن يقال إنّ مبادئ الحكم بلحاظ القدرة لها حالتان :
الحالة الأولى : هو عدم كونها مشروطة بالقدرة ، فالمصلحة والمحبوبيّة للفعل ثابتة مطلقا ، أي سواء كان ذلك الفعل داخلا تحت القدرة أو خارجا عنها. وكذلك المفسدة والمبغوضيّة للفعل ثابتة مطلقا سواء كان ترك ذلك مقدورا للمكلّف أو أنّ تركه غير مقدور.
ويمكن أن يمثّل لذلك بالصلاة فإنها متوفّرة على الملاك والإرادة مطلقا حتى في ظرف عدم القدرة عليها كما في حال الإغماء ، وكذلك قتل النفس المحترمة فإنّه مشتمل على المفسدة والمبغوضيّة حتى في ظرف كون القتل عن غير اختيار.
الحالة الثانية : أنّ المصلحة والمفسدة في الفعل منحصرة بظرف القدرة بحيث لا يكون الفعل ذا مصلحة أو ذا مفسدة ما لم يكن مقدورا.
ويمكن التمثيل لذلك بأكل الميتة فإنّ مبغوضيّته منوطة بالقدرة على ترك أكلها. وبهذا يكون انتفاء الحرمة عن أكل الميتة ناشئا عن انتفاء المقتضي للحرمة وهي المفسدة والمبغوضيّة لا أنّ المنشأ للحرمة هو المانع والذي هو استحالة التكليف بغير المقدور وإنّ التكليف في واقعه متوفّر على مبادئه وهي الملاك والمبغوضيّة.
وفي الحالة الأولى ـ والتي لا يكون الملاك فيها منوطا بالقدرة ـ يكون اشتراط التكليف بالقدرة شرطا عقليا ، ويعبّر عن القدرة التي يكون التكليف منوطا بها « بالقدرة العقليّة » ، إذ لا منشأ لاشتراط التكليف