واحد لمجرّد وجود تشابه نسبي بينهما ، وهذا النحو من التسامح يكثر في تحديد الأوزان والكميات والمسافات والأزمنة.
ومن هنا صحّ إطلاق النقض لليقين على الشك في البقاء رغم تباين موردي اليقين والشك ، وما ذلك إلاّ لإلغاء حيثية الزمن بين متعلّقي اليقين والشك واعتبار الحدوث واستمراره شيئا واحدا. وبهذا الإلغاء يتحد المتعلّقان ويصير مورد الشك هو مورد اليقين ، ولمّا كان الشك واليقين لا يجتمعان على متعلّق واحد فيكون مجيء الشك بعد اليقين موجبا لانتقاض اليقين ، وهذا هو مبرّر إطلاق الإمام عليهالسلام عنوان النقض لليقين على الشك في البقاء فيكون المتفاهم العرفي من الرواية هو عدم اعتناء الشاك في البقاء بشكه وأن الشارع لا يأذن في رفع اليد عن اليقين بالحدوث بمجرّد الشك في البقاء ، فهو وإن كان ناقضا بنظر العرف إلا أنّ الشارع لم يرتّب الأثر على هذا النحو من النقض ، ولم يسمح بنقض اليقين إلاّ بيقين مثله والذي هو ليس نقضا حقيقيا أيضا ؛ وذلك لعدم اتحاد مورديهما كما بينا ذلك.
الناحية الثانية : والكلام فيها يتصل بهذه الفقرة من الرواية « لا حتى يستيقن أنّه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بيّن وإلا فهو على يقين من وضوئه » فإنّ الظاهر من هذه الفقرة أنّها جملة شرطية وأنّ قوله عليهالسلام « لا ، حتى يستيقن أنّه قد نام » هو شرط هذه الجملة فكأنّه قال : « إن لم يستيقن أنّه قد نام » فهذا على غرار قوله تعالى : ( لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ ) (١) أي إن لم يلج الجمل في سم الخياط فلا يدخلون الجنة ، وهذا المقدار لا إشكال فيه ، إنّما الكلام في تحديد جزاء هذا الشرط ، وهنا
__________________
(١) سورة الأعراف آية ٤٠.