الإنشاء فهي على غرار قوله تعالى ( وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ ) (١) فإنّ الجزاء في هذه الآية الشريفة هو قوله تعالى « يغلبوا ألفين » وهي جملة خبرية أريد منها الإنشاء ؛ ولهذا لا يجوز الفرار من الزحف عندما يكون عدد المسلمين ألفا ويكون عدد الكفار ألفين ، والكلام في المقام من هذا القبيل فقوله عليهالسلام « فإنّه على يقين من وضوئه » لا يراد منه الإخبار وإنّما يراد منه إنشاء حكم شرعي مفاده أن الذي يشك في بقاء وضوئه فحكمه البناء على بقاء الوضوء ، فكما أنّه لو كان على يقين من الوضوء يرتّب آثار الطهارة الحدثية ـ من قبيل دخوله في الصلاة ومس كتابة القرآن الكريم ـ كذلك عندما يشك في بقاء وضوئه ، فالرواية ليست في صدد الإخبار عن صدور الوضوء منه حتى يرد الإشكال وإنّما هي في صدد إنشاء حكم تعبدي ببقاء الوضوء عند الشك في البقاء ، وهذا ممكن جدا فإنّ الشارع له أن يتعبّد المكلّف ببقاء وضوئه ويرتّب هذا التعبّد على عدم الاستيقان بالنوم ، إلا أنّه مع ذلك لا يمكن قبول هذا الاحتمال ؛ إذ أنّ حمل الجملة الخبريّة على أنّها إنشائية خلاف المتعارف عند أهل اللسان ، فهذه العناية تحتاج إلى مبرّر لم يبرزه مدّعي هذا الاحتمال.
الاحتمال الثالث : هو أنّ الجزاء في هذه الجملة هو قوله عليهالسلام « ولا ينقض اليقين بالشك » ويكون قوله عليهالسلام « فإنّه على يقين من وضوئه » توطئة لهذا الجزاء فيكون مساق الرواية هكذا : « فإن لم يستيقن أنه قد نام ولأنه على يقين من وضوئه فلا ينقض اليقين بالشك ».
__________________
(١) سورة الأنفال آية ٦٦.