ذكرنا في الاحتمال الثاني ـ هو أنّ الشارع قد حكم بالبناء على بقاء الوضوء في ظرف الشك في بقائه بسبب الشك في طروء الناقض ، فكأن الشاك في انتقاض وضوئه متيقن بعدم الانتقاض ، فكما أنّ المتيقن بوضوئه يرتّب آثار الطهارة من الحدث فكذلك الشاك في انتقاض الوضوء يترتّب آثار الطهارة.
وبتعبير آخر : إنّ المراد من قوله عليهالسلام « فإنه على يقين » تحتمل ثلاثة احتمالات :
الأول : هو اليقين الحقيقي ، وهذا الاحتمال ساقط ؛ وذلك لعدم وجود يقين حقيقي فعلي في ظرف الشك في انتقاض الوضوء بالنوم.
الثاني : أنّ المراد من اليقين هو اليقين بصدور الوضوء في مرحلة سابقة ، وهذا الاحتمال يعني أنّ اليقين في الرواية ليس فعليّا وهو خلاف الظهور ، إذ لو كان المراد من اليقين هو اليقين السابق لكان عليه أن يصدّر الفقرة بالفعل الماضي « كان » بأن يقول « فإنّه كان على يقين من وضوئه » فلمّا لم يأت بما يدلّ على إرادة اليقين السابق فإنّ احتمال إرادته يكون ساقطا.
وبهذا يتعيّن الاحتمال الثالث وهو التحفّظ على فعليّة اليقين إلا أنّه اليقين التعبدي والذي يعني أنّ الشارع اعتبر الشاك في انتقاض وضوئه متيقنا ببقائه تعبدا.
قد يقال إنّ المكلّف حتى بعد الشك في انتقاض الوضوء فإنّ يقينه بصدور الوضوء عنه فعلي ، إذ أنّ اليقين بصدور الوضوء يظلّ ثابتا حتى بعد طروء حالة الشك ، إذ أنّها لا تنفيه بعد أن كان متعلقها غير متعلّق اليقين.
ومن هنا لا يكون حمل اليقين في الرواية على اليقين الحقيقي منافيا لظهور الرواية في فعلية اليقين ؛ إذ أنّ اليقين الحقيقي فعلي فلا مانع من حمل قوله عليهالسلام