إلى معموله بحرف « من » ، فلا يقال « تيقنت من الحدث » وإنّما يقال « تيقنت بالحدث » ، قال الله تعالى : ( وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ ) (١) أي : كانوا يوقنون بآياتنا. وإذا كان كذلك فإنّ قوله عليهالسلام « من وضوئه » ليس متعلّقا لليقين فلا يصلح لتقييده ؛ إذ أنّ الذي يصلح لتقييد العامل إنّما هو متعلّقه « معموله » ، وحيث إنّه ليس متعلّقا له فلا يكون مقيدا له بل إنّ « من » في الواقع قيد للظرف والذي هو محذوف ، والتقدير « من جهة وضوئه » فحذف المضاف فدخلت « من » على المضاف إليه وإلا فواقع العبارة هكذا : « فإنه على يقين من جهة وضوئه » فيكون المقيد هو مدخول « من » وهو الظرف ، وبثبوت عدم تقيّد اليقين بحرف الجر ومدخوله يثبت أنّ اليقين قد استعمل في معناه الوسيع ، إذ لا موجب لتقيده بحصة خاصة وهي اليقين بالوضوء بعد أن لم يكن « من وضوئه » متعلّقا لليقين ، وإذا كان كذلك فاليقين الذي هو مدخول لام العهد هو طبيعي اليقين ، وبهذا يثبت أنّ قوله عليهالسلام « ولا ينقض اليقين بالشك هو قاعدة كليّة أراد الإمام عليهالسلام من ذكرها التنبيه على ما هو مركوز في أذهان العقلاء ، فتثبت بهذه الرواية حجيّة الاستصحاب مطلقا.
ثمّ إنّ هناك روايات صالحة للاستدال بها على حجية الاستصحاب لم يتعرض لها المصنّف رحمهالله وفيها ما هو تام سندا ودلالة.
__________________
(١) سورة السجدة آية ٢٤.