وذلك لخروج الحداء عن موضوع الحرمة تخصصا ، وهذا الخروج الحقيقي نشأ عن العلم الخارجي بموضوع الغناء ، وهذا بخلاف المقام فإنّ نفي الأكل بالباطل عن الأكل من بيت الصديق ثبت بواسطة التعبّد الشرعي ، فالخروج عن موضوع الدليل الأول حقيقي إلاّ أنّ ذلك ثبت عن طريق التعبّد.
ومثال الثاني : لو قال المولى يجوز الإسناد إلى الله تعالى بعلم وفهمنا من هذا الدليل أنه يجوز الإسناد إلى الله جلّ وعلا عند قيام الحجّة ، ثم لو دلّ دليل آخر على أنّ خبر الثقة حجة فإنّ هذا الدليل الثاني يكون واردا على الدليل الأول بمعنى أنّه مثبت لتنقّح موضوع الدليل الأول حقيقة ؛ وذلك لأنّ الدليل الثاني محقّق لفرد من أفراد الحجه حقيقة ، غايته أنّ هذا الفرد من الحجة تمّ بواسطة التعبّد الشرعي ، وهذا غير الحكومة الموسّعة لدائرة الموضوع تعبّدا وتنزيلا كما في قوله عليهالسلام « الفقاع خمرة استصغرها الناس » (١) فإنّ الفقّاع ليس من الخمرة حقيقة إلاّ أنّ الشارع وسّع من دائرة موضوع الخمرة وجعل الفقّاع فردا من أفرادها والبحث في محلّه.
وبما بيناه اتضح معنى الورود وأنّه الخروج عن موضوع الدليل المورود حقيقة أو الدخول في موضوع الدليل المورود حقيقة على أن يكون ذلك ناشئا عن التعبّد الشرعي.
ومع اتّضاح هذا يتّضح عدم التنافي بين الدليل الوارد وبين الدليل المورود ؛ وذلك لأنّ الدليل الوارد حينما ينفي موضوع الدليل المورود فهو
__________________
(١) الوسائل باب ٢٨ من أبواب الأشربة المحرمة ح ١.