الوسيلة الأولى : وهي ما يعبّر عنها بالنظر في عقد الوضع ، والمقصود منها أنّ المتكلم يتصدى لشرح كلامه الأول عن طريق التصرّف في موضوع الحكم في الدليل الأول إما بنحو التضييق أو بنحو التوسيع ويكون غرض المتكلم من ذلك تضييق الحكم أو تعميمه ، غايته أنه نفى الحكم عن طريق نفي الموضوع أو أثبت الحكم بواسطة إثبات الموضوع ، وتسمّى الحالة الأولى بالحكومة المضيّقة وتسمّى الحالة الثانية بالحكومة الموسّعة.
أمّا مثال الحكومة المضيّقة :
ما لو قال المولى من شك بين الثلاث والأربع بنى على الأربع وتشهد وسلم ثم قام فجاء بركعة بفاتحة الكتاب وتشهد بعدها وسلّم ، ثم قال في كلام آخر : « لا شك لكثير الشك » ، فإنّ الكلام الثاني ناظر إلى الكلام الأول ـ كما هو واضح ـ وذلك بقرينة أنّ الكلام الثاني لا يكون له معنى محصل لولا وجود كلام سابق يكون هذا الكلام مفسّرا له ومبينا لحدوده ، إذ ما معنى أن يقال ابتداء « لا شك لكثير الشك ». فإذا ثبت أنّ المتكلّم ناظر لكلامه الأول فقد تحققت الحكومة للكلام الثاني على الكلام الأول.
وأمّا أنه كيف يكون الكلام الثاني في المثال متصرفا في موضوع الحكم في الكلام الأول؟ فلأنّ المتكلم استعمل الموضوع كوسيلة لشرح وبيان حدود الحكم ، فنفي بعض أفراد الموضوع عن أن تكون مشمولة للموضوع المجعول عليه الحكم نفي للحكم بلسان نفي الموضوع وتصرّف في الموضوع بنحو التضييق لغرض تضييق دائرة الحكم.
وهذا النفي ليس نفيا حقيقيا وإنّما هو نفي عنائي تنزيلي الغرض منه نفي ذلك الفرد عن أن يكون مشمولا للحكم في الدليل الأول ، فليس