غرض المولى من قوله « لا شك لكثير الشك » أنّ الشك الواقع عن كثير الشك ليس شكا حقيقة وواقعا بل غرضه هو أنّ الشك من كثير الشك لا يترتب عليه الحكم المذكور في الدليل الأول فهو نفي للحكم بلسان نفي الموضوع أي نفي للحكم عن أن يكون شاملا لهذا الفرض إلاّ أنّ هذا النفي تمّ عن طريق نفي فرديّة هذا الفرد عن موضوع الحكم ، إذ أنّه متى ما انتفت فرديّته عن الموضوع لم يكن الحكم شاملا له ؛ وذلك لأنّ الحكم إنّما هو مجعول على ذلك الموضوع فلما كان ذلك الفرد من غير أفراد الموضوع ـ بمقتضى الدليل الحاكم ـ فلا يشمله الحكم.
وبما ذكرناه اتضح أن نحو الحكومة في هذا المثال هو الحكومة المضيقة ، إذ أنّ الدليل الحاكم « الثاني » قد ضيّق من دائرة موضوع الحكم في الدليل المحكوم « الأول ».
وأمّا مثال الحكومة الموسّعة :
فهو ما لو قال المولى : « الخمر حرام » ثم قال في كلام آخر : « الفقاع خمرة استصغرها الناس » فهنا أيضا وقع التصرّف في عقد الوضع ، أي في موضوع الدليل المحكوم إلاّ أنّ التصرّف في المثال تصرّف بنحو التوسيع من دائرة موضوع الحكم في الدليل المحكوم ، وهو توسيع عنائي الغرض منه تعميم الحكم في الدليل المحكوم للفرد الذي أدخل في موضوع الدليل المحكوم بنحو العناية ، فهنا إثبات للحكم بحرمة الفقّاع بلسان إثبات فرديته لموضوع الحكم « الخمر » في الدليل المحكوم.
الوسيلة الثانية : وهي ما يعبّر عنها بالنظر في عقد الحمل ، وهنا يتوسل المتكلّم في مقام شرحه لكلامه الأول بالتصرّف في محمول القضية في