الكلام الأول أي التصرّف في نفس الحكم ابتداء ـ لغرض تعميمه أو تضييقه ـ ودون توسيط الموضوع في ذلك كما هو في الوسيلة الأولى.
ومثال ذلك :
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار في الاسلام » (١) وقوله تعالى : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٢) فإنّ هذين الدليلين ناظران إلى الأحكام الشرعية الثابتة بالأدلّة الأخرى حيث إنّ مقتضى تلك الأدلّة هو ثبوت الأحكام بنحو مطلق سواء كانت ضررية وحرجية لبعض الأفراد أو لم تكن.
فإنّه لو فهمنا من الرواية أنّه لم يجعل الله تعالى حكما ضرريا وفهمنا من الآية المباركة أنّ الله تعالى لم يجعل حكما حرجيّا فإنّ هذين الدليلين يكونان حاكمين على أدلة الأحكام الشرعية وموجبين لتضييق دائرة تلك الأحكام وأنّ ما يتوهم من الأدلّة الأولية من ثبوت الأحكام في حالات الضرر والحرج ليس صحيحا.
وتلاحظون أنّ هذين الدليلين تصرّفا في نفس الحكم في الأدلّة المحكومة ، حيث إنّ المنفي في هذين الدليلين هو الحكم فقوله لا ضرر أي لا
__________________
(١) الفقيه باب ميراث الملل ح ٢ ، والرواية معتبرة لاعتبار بعض طرقها وهو الطريق الوارد في الكافي والفقيه عن ابن بكير عن زرارة ، إلا أنّه لم يرد في الرواية بهذا الطريق فقرة « في الإسلام » على أنّه يمكن دعوى استفاضة الرواية حيث وردت بطرق متعدّدة وفي موارد مختلفة ، نعم دعوى الاستفاضة مختصّة بهذه الفقرة وهي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا ضرر ولا ضرار ».
(٢) سورة الحج آية ٧٨.