فهو لنا عدو ، ولا تنال ولايتنا إلاّ بالورع والعمل» (١).
ثالثاً : أمرهم أن يجاهدوا أنفسهم كي يعرجوا في سلّم الكمال ، قال عليهالسلام : «إنما شيعة علي عليهالسلام الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم ، إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشاً ، واستقبلوا الأرض بجباههم ، كثير سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاءهم ، كثير بكاءهم ، يفرح الناس وهم محزونون» (٢).
رابعاً : وأمرهم أن يعرضوا أنفسهم على المكارم الواردة في القرآن ، وأن يسلكوا سبيله ، فمن وصيته إلى جابر بن يزيد الجعفي : « واعلم بأنك لا تكون لنا ولياً حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا : إنك رجل سوء لم يحزنك ذلك ، ولو قالوا : إنك رجل صالح لم يسرك ذلك ، ولكن اعرض نفسك على كتاب اللّه ، فان كنت سالكاً سبيله ، زاهداً في تزهيده ، راغباً في ترغيبه ، خائفاً من تخويفه فاثبت وأبشر ، فإنه لا يضرك ما قيل فيك. وإن كنت مبايناً للقرآن ، فماذا الذي يغرك من نفسك؟ ان المؤمن معنّي بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها ، فمرّة يقيم أودها ويخالف هواها في محبة اللّه ، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها ، فينعشه اللّه فينتعش ، ويقيل اللّه عثرته ، فيتذكر ويفزع إلى التوبة والمخافة ، فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف ، وذلك بأن اللّه يقول : «إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ» » (٣).
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٧٣٥ / ١٥٣٥ ، الكافي ٢ : ٦٠ / ٣ ، تحف العقول : ٢٩٤.
(٢) الخصال : ٤٤٤ / ٤٠.
(١) تحف العقول : ٢٨٤ ، والآية من سورة الأعراف : ٧ / ٢٠١.