من تعدى ذلك الحد حداً» (١). فلا توجد واقعة في الحياة إلاّ ويمكن إدراجها تحت الأحكام الكلية المستنبطة من الكتاب والسنة دون الرجوع إلى الرأي ، وإذا وجد رأي يقول بعدم ذلك ، فيلجأ إلى الاستحسان والرأي ، فالمشكلة ليست في أن اللّه سبحانه لم يبيّن للإنسان الخطوط التفصيلية التي يحتاجها في تلبية حاجات الحياة ومواجهة مشكلاتها ، بل هي في أن الناس تركوا ما أمروا به من الانصياع إلى أهل البيت عليهمالسلام وأخذ معالم الدين عنهم ، ولو فعلوا ذلك لاستطاعوا أن يكتشفوا الحل الإسلامي لأية مشكلة طارئة تعترى حياتهم.
ثانياً : رفض القياس ، وعدّه ابتداعاً في الدين ومحقاً له ، لما فيه من جرأة على تجاوز أحكام اللّه تعالى ، وتهاون بالسنة والحديث ، وتعويل على العقل من غير حجة شرعية ولا دليل معتبر. عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : «إنَّ السنّة لا تقاس ، وكيف تقاس السُنّة ، والحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟!» (٢).
إذ لو صحّ القياس كدليل لوجب على الحائض أن تقضي صلاتها دون صومها ، وهو كما ترى.
وعنه عليهالسلام ، قال : «من أفتى الناس برأيه ، فقد دان اللّه بما لا يعلم ، ومن دان اللّه بما لا يعلم ، فقد ضادَّ اللّه حيث أحلَّ وحرَّم فيما لا يعلم» (٣).
ثالثاً : بلورة اتجاه معارض لمدرسة الحديث والرأي في الأوساط العلمية
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٩ / ٢.
(٢) المحاسن ١ : ٢١٤ / ٩٦.
(٣) الكافي ١ : ٥٨ / ١٧.