عن الأعيان النجسة وهي النجاسة صح أن يقال إن الماء مطهّر للبول.
وهذا تعبير صحيح ولا حاجة معه إلى تفسير الجملة المذكورة بما عن المحدث الكاشاني قدسسره من أنها بصدد بيان أمر عادي وهو انتقال القذارة من الموضع المتنجِّس من الأرض إلى الموضع الآخر منها بوضع القدم ورفعها حتى لا يبقى على الأرض شيء من النجاسة (١).
ولا إلى تفسيرها بما عن الوحيد البهبهاني قدسسره من أن معناها أن بعض الأرض أي الطاهرة منها يطهر بعض المتنجسات كالنعل ، لمكان أن « بعضاً » نكرة وذلك لما عرفت من أن ظاهره حسب المتفاهم العرفي أن الأرض الطاهرة تطهر الأرض النجسة بالمعنى المتقدم وهي واردة لبيان أمر شرعي ، فحملها على إرادة بيان أمر عادي أو على كون الأرض مطهرة لبعض المتنجسات خلاف الظاهر ولا يمكن المصير إليه.
ثم إن تلك الجملة وإن كانت مجملة في بعض مواردها كما في حسنة محمد بن مسلم قال : « كنت مع أبي جعفر عليهالسلام إذ مرّ على عذرة يابسة فوطئ عليها فأصابت ثوبه ، فقلت : جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك ، فقال : أليس هي يابسة؟ فقلت : بلى ، قال : لا بأس إن الأرض يطهر بعضها بعضاً » (٢) لأن عدم تنجس ثوبه عليهالسلام وطهارته من جهة يبوسة العذرة غير مرتبطة بقوله : « إن الأرض يطهر بعضها بعضاً » وهو كمضمون رواية عمار : « كل شيء يابس زكي » (٣) ومن الواضح أن ذلك أجنبي عن التعليل الوارد في الرواية ، فالجملة مجملة في الحسنة إلاّ أن إجمالها في مورد لا يضرها في غيره ، لما عرفت من أنها واضحة الدلالة على مطهرية الأرض للأثر الناشي من الأرض النجسة. وكيف كان فمقتضى عموم التعليل اطراد الحكم وشموله لكل ما يتنعل به عادة.
__________________
(١) مفاتيح الشرائع ١ : ٧٩.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٧ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٢.
(٣) الوسائل ١ : ٣٥١ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٥ إلاّ أن الرواية عن عبد الله بن بكير بدل عمار.