على المقدار المتيقن من الأخبار وهي النجاسة الحاصلة من المشي ، وأما المقدار الزائد على ذلك فيرجع فيه إلى عموم أو إطلاق ما دلّ على أن النجاسة يعتبر في إزالتها الغسل بالماء ، لأنه مقتضى القاعدة عند إجمال المخصص لدورانه بين الأقل والأكثر.
ويؤيده ما تقدّم (١) في تفسير قوله عليهالسلام « إن الأرض يطهّر بعضها بعضاً » من أنّ تعبيره عليهالسلام عن مطهرية الأرض لباطن النعل والقدم وغيرهما بقوله « إنّ الأرض ... » إنما هو من جهة أن النجاسة كانت ناشئة من الأرض ولأجله صح أن يقال : إن الأرض الطاهرة مطهّرة للأرض القذرة أي للنجاسة الناشئة منها ، ومع كون الأثر وهي النجاسة مستندة إلى غير الأرض لا يصح التعبير المذكور بوجه ، هذا.
وقد يقال بالتعدي إلى النجاسة الحاصلة من الخارج ويستدل عليه بأمرين :
أحدهما : ما ورد في صحيحة زرارة « جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار أن يمسح العجان ولا يغسله ، ويجوز أن يمسح رجليه ولا يغسلهما » (٢) فان قوله عليهالسلام « يجوز أن يمسح رجليه » يدلنا بإطلاقه على مطهرية المسح في كل من النجاسة الناشئة من الأرض والنجاسة الناشئة من غيرها.
ويدفعه أوّلاً : أن من المحتمل القوي أن يكون قوله : « ويجوز أن يمسح رجليه » ناظراً إلى المسح في الوضوء لنفي ما يزعمه أهل الخلاف من اعتبار غسل الرجلين فيه ، ومن هنا قال : « ويجوز أن يمسح ... » مع أن مسحهما من الشرائط المعتبرة في الوضوء فهو أمر لازم لا جائز ، وعليه فالرواية أجنبية عما نحن بصدده.
وثانياً : أن الرواية لو سلم كونها ناظرة إلى مطهرية المسح ، فلا شك في أنها ليست بصدد البيان ، للقطع بعدم كون المسح مطهراً مطلقاً كالمسح بالخرقة أو الخشب ونحوهما ، فلا إطلاق للرواية حتى يدل على مطهرية الأرض من النجاسة الحاصلة من الخارج.
__________________
(١) في ص ١٠٢.
(٢) الوسائل ١ : ٣٤٩ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٣ ، ٣ : ٤٥٩ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ١٠.