وأمّا الصورة الثانية : كما إذا استند التجفيف في مقدار نصفه إلى الإشراق وفي النصف الآخر إلى النار أو الهواء ، فقد يقال فيها بكفاية التجفيف أيضاً ، بدعوى أن المعتبر حسبما يستفاد من الأخبار استناد الجفاف إلى الشمس وهو حاصل في فرض الاشتراك ، وأما عدم استناده إلى غير الشمس فهو مما لم يقم عليه دليل ولا يستفاد من الأخبار.
ويؤيد ذلك بموثقة عمار لما ورد فيها من قوله : « فأصابته الشمس ثم يبس الموضع » لإطلاق اليبوسة فيها وعدم تقييدها بكونها مستندة إلى الشمس فحسب فمع الاشتراك يصدق أن الأرض مما أصابته الشمس ثم يبست ، هذا.
ولا يخفى أن موثقة عمار وإن كانت مطلقة من تلك الجهة إلاّ أنه على خلاف الإجماع القطعي عندنا ، لصدقها على ما إذا أصابت الشمس شيئاً في زمان ولم يحصل معها الجفاف ولكنه حصل بعد مدة كيوم أو أقل أو أكثر ، لبداهة صدق أن الشيء أصابته الشمس ثم يبس حينئذ ، مع أنه غير موجب للطهارة من غير نكير ، فسوء التعبير مستند إلى عمار ، وعلى أيّ حال لا يمكن الاعتماد على إطلاق الموثقة ، وعليه فلا بد من ملاحظة أنه هل هناك دليل على لزوم استقلال الشمس في التجفيف وعدم استناده إلى غيرها أو لا دليل عليه؟
فنقول إن قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : « إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر » يقتضي بظاهره لزوم استناد التجفيف إلى الشمس باستقلالها ، وذلك لأن الجفاف عن رطوبة لا يعقل فيه التعدّد والتكرار ، لأنه أي الجفاف عرض غير قابل للتعدّد عن رطوبة واحدة ، وإذا أُسند مثله إلى شيء فظاهره أنه مستند إليه بالاستقلال ، لأنه لو كان مستنداً إلى شيئين أو أكثر كالشمس والنار ونحوهما لم يصح إسناده إلى أحدهما ، لأنه مستند إلى المجموع على الفرض ولا يعقل فيه التعدّد ، فاذا استند إلى شيء واحد كما في الخبر حيث أُسند فيه إلى الشمس فحسب كان ظاهراً في الاستناد بالاستقلال ، وليست اليبوسة كأكل زيد ونحوه مما لا ظهور له في نفي صدور الفعل عن غيره ، لوضوح أن قولنا : أكل زيد لا ظهور له في عدم صدور الأكل من عمرو مثلاً ، والسر فيه أن الأكل في نفسه أمر قابل للتعدد والتكرار ، فيمكن أن يستند