المسألة لا دلالة لها على ارتفاع تلك النجاسة الذاتية المنقلبة عن العرضية لاختصاصها بارتفاع النجاسة الذاتية المسببة عن الغليان.
هذا ، على أن ذلك لو تمّ في تنجس العصير الطاهر بالعصير النجس جرى مثله حينئذ في تنجس العصير بالنجاسات الخارجية أيضاً من البول والمني وغيرهما ، مع أن النجاسة العرضية الحاصلة بملاقاتها غير مرتفعة بالغليان جزماً ، هذا كله في تقريب الاستشكال في المسألة.
ومقتضى تدقيق النظر أن ذهاب ثلثي المجموع موجب لطهارته ، والوجه فيه أن نجاسة العصير الطاهر في مفروض الكلام أيضاً مستندة إلى الغليان بالارتكاز ، بيان ذلك : أن الغليان لا يطرأ على تمام أجزاء العصير وأطرافه دفعة واحدة لأنه مستحيل عادة أو كالمستحيل ، والقدر المتيقن أنه غير واقع خارجاً ، إذ الغليان في أي مائع عصير أو غيره إنما يتحقق في الأجزاء المتصلة منه بالإناء ثم شيئاً فشيئاً يسري إلى بقية الأجزاء والأطراف ، بل في القدور الكبيرة قد تغلي الأجزاء المتصلة بها من غير أن تنسلب البرودة عن الأجزاء الوسطانية أو الأخيرة تماماً ، وعلى ذلك إذا غلت الأجزاء المتصلة بالإناء من العصير حكم بنجاستها لا محالة لأنها عصير قد غلى ، وإذا تنجست الأجزاء المتصلة به تنجست بقية الأجزاء أيضاً بسببها مع عدم غليانها حالئذ على الفرض ولا إشكال في أن ذهاب الثلثين في مثله موجب للحلية والطهارة في المجموع ، ولا وجه لذلك في الأجزاء غير المغلية إلاّ استناد نجاستها إلى الغليان بواسطة اتصالها بالأجزاء المغلية ، ولا فرق في ذلك بين كون الأجزاء غير المغلية متصلة بالأجزاء المغلية ابتداء وبين كونها متصلة بها بعد ما كانت منفصلة عنها أوّلاً لعدم الفرق بين الاتصال والانفصال كذلك حسب المرتكز عرفاً. نعم هذا يختص بالنجاسة الحاصلة بالغليان ولا يأتي في تنجس العصير بالنجاسات الخارجية من البول والدم ونحوهما.
الثالثة : ما إذا كان عصيران مغليان أحدهما طاهر بالتثليث والآخر نجس لعدم تثليثه وقد صبّ أحدهما في الآخر فهل يحكم بطهارة المجموع إذا ذهب ثلثاه؟