الأوّل : الإجماع القطعي على أن انقلاب العصير المغلي خلاًّ كانقلاب الخمر خلاًّ موجب لطهارته. وفيه : أن تحصيل الإجماع التعبدي في المسألة كبقية المسائل من الصعوبة بمكان ، ولعلّه مما لا سبيل إليه.
الثاني : الأولوية القطعية ، بتقريب أن الانقلاب خلاًّ إذا كان موجباً للطهارة في الخمر فهو موجب لها في العصير المغلي بالأولوية ، لوضوح أن الخمر أشد نجاسة من العصير. وفي هذه الدعوى ما لا يخفى على الفطن لأنها قياس. على أنه في غير محله لأنه مع الفارق ، حيث إن الخمر من النجاسات العينية والنجاسة فيها قائمة بالعنوان كعنوان الكلب والبول والخمر فاذا زال بالانقلاب ارتفع حكمه لا محالة ، ومن ثمة قلنا إن الطهارة في انقلاب الخمر خلاًّ حكم على القاعدة ولا حاجة فيها إلى التمسك بالأخبار ، وإنما مسّت الحاجة إليها من جهة نجاسة الإناء الموجبة لتنجس الخمر بعد انقلابها خلاًّ ، فلولاها لم نحكم بطهارة الخمر حينئذ ، وهذا بخلاف العصير فإن النجاسة فيه بالغليان إنما ترتّبت على ذاته وجسمه ولم يتعلّق على اسمه وعنوانه وعليه فقياس العصير بالخمر مع الفارق لبقاء متعلق الحكم في الأول دون الثاني.
الثالث : صحيحة معاوية : « خمر لا تشربه » (١) حيث دلت على أن العصير بعد غليانه خمر ، وهو تنزيل له منزلتها من جميع الجهات والآثار ، وحيث إن الخمر تطهر بانقلابها خلاًّ فلا مناص من أن يكون العصير أيضاً كذلك.
ويرد عليه أوّلاً : أن لفظة خمر غير موجودة على طريق الكليني قدسسره كما تقدّم (٢).
وثانياً : أنها ظاهرة على تقدير وجود اللفظة في أن العصير منزّل منزلة الخمر من حيث حرمته ، حيث قال : « خمر لا تشربه » لأنه فرق بيّن بين أن يقال : خمر فلا تشربه ، وبين أن يقال : خمر لا تشربه ، فان ظاهر الأول عموم التنزيل لمكان « فاء » الظاهرة في التفريع ، لدلالتها على أن حرمة الشرب أمر متفرع على التنزيل لا
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٢٩٣ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٧ ح ٤.
(٢) في المسألة [٢٠٢].