ما يشك في كونه من البواطن ، وإنما الشك في ارتفاع نجاسته بزوال العين عنه ومقتضى الاستصحاب بقاؤه على نجاسته.
وأما إذا قلنا بعدم تنجّس البواطن ، فلأجل الأصل الموضوعي الموجب للحكم بعدم ارتفاع نجاسته حتى يغسل ، وتوضيحه : أن الشك في كون شيء من البواطن قد يكون من جهة الشبهة المفهومية وعدم الاطلاع بسعة مفهوم الباطن وضيقه ، ولا مناص حينئذ من الرجوع إلى مقتضى العموم والإطلاق ، ومقتضى العموم المستفاد من موثقة عمار المتقدِّمة أن كل شيء أصابته النجاسة ينجس ولا ترتفع نجاسته إلاّ بغسلة وخرجنا عن عمومها في البواطن بما دلّ على أنها لا تتنجس بملاقاة النجاسة أصلاً لأنّا نتكلم على هذا البناء ومع إجمال المخصص لدورانه بين الأقل والأكثر يرجع إلى العام في غير المقدار المتيقن من المخصص ، لأنه من الشك في التخصيص الزائد فيندفع بالعموم والإطلاق.
وقد يكون من جهة الشبهة المصداقية ، كما إذا شك لظلمة ونحوها في أن ما أصابته النجاسة من البواطن أو غيرها ، وفي هذه الصورة وإن لم يجز الرجوع إلى العام لأنه من التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية ، إلاّ أن هناك أصلاً موضوعياً ومقتضاه أن المورد المشكوك فيه باق تحت العموم ، وذلك لأن الحكم بعدم التنجس في الدليل المخصص إنما رتب على عنوان الباطن وهو عنوان وجودي ومقتضى الأصل عدمه وأن المشكوك فيه ليس من البواطن لجريان الأصل في الأعدام الأزلية ، وكل ما لم يكن من البواطن لا بدّ من غسله لتنجسه بملاقاة النجاسة وعدم ارتفاعها إلاّ بغسلة.
وذلك لأن الموضوع للحكم في الموثقة هو الشيء المعبّر عنه بلفظة « ما » في قوله « ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء » وما لم يثبت أنه من الباطن أيضاً شيء ويصدق أن يقال : إنه مما أصابه ذلك الماء من غير حاجة إلى تجشم إثبات أنه من الظواهر ، هذا كله في النجاسة الخارجية.
وأما النجاسة الداخلية فقد عرفت أنها غير منجسة للبواطن ، فلو شككنا في أن ما أصابته النجاسة الداخلية من الباطن أو الظاهر فلا مناص من الحكم بطهارته بالأصل الموضوعي أو قاعدة الطهارة ، وذلك لأن وجوب الغسل في موثقة عمار الواردة في دم