الجلل إذ لا مجرى للاستصحاب بعد ارتفاع موضوعه. على أنه من الاستصحاب في الشبهة الحكمية وهو ممنوع كما مر غير مرة.
وأمّا ما عن المشهور من أن الاستبراء إنما يحصل بمضي المدة المنصوصة في الروايات وإن بقي عنوان الجلل بعد انقضائها فهو على تقدير صحّة النسبة وهي مستبعدة مندفع بوجهين :
أحدهما : أن الأخبار المحددة للاستبراء كلها ضعاف ، لأنها بين مرسلة ومرفوعة وضعيفة الاسناد فلا اعتبار لها بوجه.
وثانيهما : أن المرتكز في الأذهان من تحديد حرمة الأكل أو نجاسة الخرء والبول بتلك المدة المنصوصة في الأخبار ، أن الحرمة أو النجاسة محددتان بتلك المدة بعد زوال عنوان الجلل ، بمعنى أن الإبل الجلاّلة مثلاً بعد ما زال عنها اسم الجلل لا يحكم بحلية لحمها وطهارة بولها وروثها إلاّ بعد أربعين يوماً كما في الخبر لا أن الأحكام المترتبة على الإبل الجلاّلة ترتفع بعد المدة المنصوصة وإن بقي عنوان جللها ، وقد ذكرنا نظير ذلك في مثل الأمر الوارد بغسل الثوب المتنجِّس بالبول مرتين أو بصبّ الماء على البدن كذلك (١) وما ورد في الاستنجاء من المسح بثلاثة أحجار (٢) حيث قلنا إن ظاهرها كفاية الحد بعد زوال النجاسة عن المحل ، لا أن مجرد الغسل أو الصبّ أو المسح بالأحجار كاف في الحكم بالطهارة ولو بقيت العين بحالها. نعم لا يشترط ارتفاع الموضوع قبل الغسل أو الصبّ أو قبل انقضاء المدة المنصوصة في المقام ، بل يكفي ارتفاعه وزواله ولو مع الغسل أو أخويه ، فانقضاء المدة المنصوصة في الأخبار غير كاف في الحكم بحلية اللحم أو بطهارة الخرء والبول وإن بقي موضوعهما وهو عنوان الجلل.
نعم ، لو تمّت الأخبار الواردة بحسب السند لأمكن القول بأن طهارة مدفوعي
__________________
(١) راجع صحيحة البزنطي وغيرها مما ورد في الوسائل ٣ : ٣٩٦ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٧ وغيره.
(٢) الوسائل ١ : ٣٤٨ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠.