أطراف العلم الإجمالي ، لأن مقتضى إطلاق الصدر جريان الاستصحاب في كلا الطرفين ومقتضى إطلاق الذيل عدم جريانه في أحدهما وبهذا تصبح الصحيحة مجملة. وعلى الجملة أن جريان الاستصحاب في أطراف الشبهة وإن كان لا اشكال فيه بحسب الثبوت إلاّ أنه غير ممكن بحسب الإثبات فالمانع إثباتي وهو لزوم المناقضة بين الصدر والذيل.
ولقد وافقه شيخنا الأُستاذ قدسسره على هذا المدعى وإن لم يرتض برهانه حيث أجاب عما استدل به قدسسره بما ذكره صاحب الكفاية من أن دليل اعتبار الاستصحاب غير منحصر بتلك الصحيحة المشتملة على الذيل ، فهب أنها مجملة إلاّ أن الأخبار التي لا تشتمل على هذا الذيل مطلقة وهي شاملة لكل من الشبهات البدوية والمقرونة بالعلم الإجمالي ، لوضوح أن إجمال أي دليل لا يسري إلى الآخر (١) هذا.
على أن ظاهر اليقين الوارد في ذيل الصحيحة خصوص اليقين التفصيلي ، وذلك لأن ظاهر الذيل جواز نقض اليقين الأول باليقين الثاني المتعلق بما تعلق به اليقين الأول لا نقضه بمطلق اليقين وإن كان متعلقاً بشيء آخر ، ومن الضروري أن اليقين في موارد العلم الإجمالي لا يتعلق بما تعلق به اليقين السابق أعني اليقين بنجاسة كلا الإناءين مثلاً ، إذ لا يقين بطهارة هذا وذاك وإنما اليقين تعلق بطهارة أحدهما ، فمتعلق اليقين الثاني في موارد العلم الإجمالي أمر آخر غير ما تعلق به اليقين السابق عليه ومعه لا محذور في استصحاب نجاستهما والمانع الإثباتي لا تحقق له. وإنما لا نلتزم بجريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي للمانع الثبوتي وتقريبه :
أن الاستصحاب أصل إحرازي تنزيلي ، ومعنى ذلك أن الشارع في مورد الاستصحاب قد نزّل المكلف منزلة العالم تعبداً وإن كان شاكاً وجداناً ، ومن البيّن أن جعل المكلف عالماً بنجاسة كل من الإناءين بالتعبد مع العلم الوجداني بطهارة أحدهما أمر غير معقول ، لأنه تعبد على خلاف المعلوم بالوجدان ، وهذا يختص
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٠ ٢٣ ، كفاية الأُصول : ٤٣٢.