مغصوب ولا فرق بينه وبين الماء الموجود في غيره بحيث لو توضأ أو اغتسل منه لصح وإن ارتكب أمراً محرماً.
نعم ، لو قلنا إن ما يأخذه من الأواني المغصوبة وإن كان ملكاً له إلاّ أن الوضوء به تصرف في الإناء ، لأن التصرف في الأواني ليس إلاّ بأخذ الماء منها وصرفه في الأكل والشرب والصب والوضوء وغيرها ، وعليه فالوضوء أو الغسل في أنفسهما معدودان من التصرف في الأواني المغصوبة بمعنى أن الوضوء بالماء المأخوذ من الإناء المغصوب بنفسه مصداق للغصب والتصرّف الحرام وكذلك الحال في الاغتسال به ، فهما باطلان إذ لا معنى للتقرّب بما هو مبغوض في نفسه ، ولو تمت هذه الدعوى لم يكن فرق بين صورتي الانحصار وعدمه لأنّ الوضوء في كليهما تصرّف حرام والتقرّب بالمبغوض أمر لا معنى له فلا مناص من الحكم ببطلانه.
ولعلّ الماتن وغيره ممن حكم بالبطلان في كلتا الصورتين قد نظروا إلى ذلك ، هذا.
ولكن دعوى أن التصرّفات الواقعة بعد أخذ الماء تصرف في نفس الإناء دون إثباتها خرط القتاد ولا يمكن تتميمها بدليل ، لأن التصرف في الإناء بحسب الفهم العرفي إنما هو الاغتراف وأخذ الماء منه ، وأما سقيه بعد ذلك للحيوان أو صبّه على الأرض أو شربه فكل ذلك تصرفات خارجية إنما تقع في ملكه وهو الماء ولا يقع شيء من ذلك في الإناء ، فهل يقال إن سقي الحيوان بالماء الموجود في الكف تصرف في الإناء.
نعم ، يحرم الأكل في أواني الذهب والفضة وفي الأواني المغصوبة إلاّ أنها ليست مستندة إلى أن الأكل تصرّف في الأواني وإنما هي من جهة الدليل الذي دلّ على حرمة الأكل في الأواني المذكورة ، فإن الأكل في الإناء بطبعه يقتضي أخذ الطعام أو غيره منه ووضعه في الفم ، ولم يرد دليل على حرمة التوضؤ من الأواني المغصوبة حتى نلتزم بحرمة نفس التوضؤ بعد أخذ الماء منها ، وإنما قلنا بحرمة الوضوء منها من أجل أنه تصرف في مال الغير من غير رضاه ، وهو يختص بالأخذ والاغتراف دون التوضؤ أو الاغتسال أو غيرهما من التصرّفات ، هذا كله فيما إذا كان التوضؤ بالاغتراف.