قد يتوهّم أنّ الغسلتين أو الصبتين لا بدّ من أن تقعا بعد إزالة العين بشيء فلا تكفي إزالتها بالغسلة الاولى من الغسلتين. ويتوجه عليه أن الحكم بذلك يتوقف على دلالة الدليل ولا دليل على اعتبار وقوع الغسلتين بعد إزالة العين ، بل الأمر بغسل ما أصابه البول مرّتين أو صبّ الماء عليه كذلك يقتضي بإطلاقه كفاية الإزالة بأُولى الغسلتين وعدم اعتبار وقوعهما بعد إزالة العين بمزيل. بل المناسبة المرتكزة بين الحكم وموضوعه أن الغسلة الأُولى للإزالة والثانية للإنقاء كما نقلناه عن المحقق قدسسره (١) هذا.
وقد يقال : إن مقتضى الإطلاق في الروايات كفاية إزالة العين ولو بالغسلة الثانية فلا يعتبر إزالتها بأُولى الغسلتين. ويندفع بأن الأخبار الواردة في المقام منصرفة إلى البول المتعارف الذي يكفي في إزالته الغسل أو الصب مرّة واحدة ، كما يرشدنا إليه قوله في بعض الأخبار المتقدِّمة « فإنّما هو ماء » (٢) تعليلاً لما أمر به من صبّ الماء عليه مرّتين ، فان ظاهره بيان أن الماء كما أنه لا لزوجة له ويكفي في إزالته صبّ الماء عليه مرّة واحدة ، فكذلك الحال في البول فتكون الغسلة الثانية مطهّرة لا مزيلة ، ومعه فالأخبار مختصة بالبول الذي يكفي في إزالته الغسل مرّة واحدة ، فإذا فرض بول لا يكفي ذلك في إزالته فهو خارج عن مورد الروايات ، هذا.
ويمكن أن يوجّه المدعى بتقريب آخر : وهو أن الأخبار الواردة في المقام وإن أُخذت فيها الإصابة كما في قوله : « يصيب الثوب أو البدن » وظاهر الإصابة الحدوث فإنّها لا تطلق على بقاء البول ، إلاّ أن من المقطوع به عدم الفرق في نجاسة البول بين الحدوث والبقاء ، وعليه فإذا أصاب الثوب أو البدن وجب غسله أو صبّ الماء عليه مرّتين كما دلّت عليه الأخبار المتقدِّمة ، فإذا غسلناه مرّة واحدة ولم يزل بذلك فهو أيضاً بول متحقق في الثوب أو البدن فيجب غسله مرّتين بمقتضى إطلاق الروايات وعليه فمقتضى الإطلاقات هو العكس أعني اعتبار كون الغسلة الأُولى مزيلة للعين
__________________
(١) في ص ٢٥.
(٢) الوسائل ٣ : ٣٩٥ ، ٣٩٦ / أبواب النجاسات ب ١.