بل قد يقال : إنه من التفسير بالمباين لأن الوعاء قد أُخذ فيه مفهوم اشتقاقي بمعنى المحل ويعينه ما يضاف إليه فيقال وعاء من أوعية الماء ، وليس كذلك الإناء فتفسير أحدهما بالآخر من التفسير بالمباين ، وصدقهما على بعض الموارد إنما هو باعتبارين بمعنى أن الإناء إنما يطلق الوعاء عليه بالإضافة إلى ما يوضع فيه ولا يطلق عليه إذا لوحظ الظرف شيئاً مستقلا في نفسه.
والمتحصل أن مفهوم الإناء من المفاهيم المجملة ومعه لا بدّ من الاقتصار على المقدار المتيقن منه ويرجع إلى البراءة في الزائد المشكوك فيه لأنه من الشبهات الحكمية التحريمية ، والقدر المتيقن من مفهوم الإناء هو الظروف المعدة للأكل والشرب منها قريباً أو بعيداً ، فيشمل المشقاب والقدر والمصفاة والصيني الموضوع فيه الظرف الذي يؤكل فيه أو يشرب منه ، كما يشمل السماور حيث إن نسبته بالإضافة إلى الماء المصبوب منه كنسبة القدر بالإضافة إلى ما يطبخ فيه ، ولا يشمل كوز القليان ولا قراب السيف ولا رأس الشطب وغير ذلك مما ذكروه في المقام لعدم كونها مستعملة في الأكل والشرب ولو بعيداً ، هذا.
بل يمكن أن يقال إن الإناء يختص بما يكون قابلاً لأن يشرب به لصحيحة علي بن جعفر المتقدِّمة (١) المشتملة على قوله عليهالسلام « نعم ، إنما يكره استعمال ما يشرب به » لأنها رواية معتبرة قد دلت على حصر الحرمة بما يشرب به وإن كان قد يستعمل في الأكل أيضاً كالكأس ونحوه ، فلا يشمل الصيني والقدر والمصفاة والمشقاب وحلقات الذهب أو الفضة التي يتعارف وضع الاستكان فيها في بعض البلدان وصحاف الذهب أو الفضة التي يؤكل فيها الطعام وغيرها وذلك لعدم كونها قابلة لأن يشرب بها.
نعم ، يشمل الحب وغيره مما يشرب به الماء ولو مع الواسطة كما يأتي. فالصحيحة على ذلك شارحة للفظة الإناء الواردة في الأخبار وموجبة لاختصاص الحرمة بما يشرب به ، وإن كان الأحوط الاجتناب عن كل ما يستعمل في الأكل والشرب ولو بعيداً.
__________________
(١) في ص ٢٩١.