إحداهما ولا يتمكن المكلف من تفريغه في ظرف آخر على وجه لا يعد استعمالاً للآنيتين ، وقد لا ينحصر أو يتمكن من تفريغه في ظرف آخر من دون أن يعد استعمالاً للآنيتين وهاتان صورتان :
أمّا الصورة الاولى : فلا شبهة في أن وظيفة المكلف هو التيمم وقتئذ ولا يجب في حقِّه تحصيل الطهارة المائية لحرمة مقدمتها ، وإنما الكلام في أنه لو عصى النهي عن تلك المقدّمة وأخذ الماء من الآنيتين فتوضأ أو اغتسل فهل يمكن الحكم بصحتهما أو لا يمكن؟
قد يكون الغسل أو الوضوء محرمين في نفسيهما كما إذا توضأ أو اغتسل فيهما بالارتماس ولا شبهة في بطلانهما حينئذ لعدم إمكان التقرب بما هو مصداق للحرام. وقد يكون المحرم مقدمتهما دون نفسهما كما إذا اغتسل أو توضأ منهما بالاغتراف بأن بنينا على أن الاستعمال المحرم إنما هو تناول الماء منهما فحسب دون الاستعمالات المترتبة عليه ، وصحة الغسل أو الوضوء في هذه الصورة مبتنية على القول بالترتب ولا نرى أيّ مانع من الالتزام به في المقام ، لأن المعتبر في الواجبات المركبة إنما هي القدرة التدريجية ولا تعتبر القدرة الفعلية على جميع أجزائها من الابتداء كما أوضحناه في التكلم على الوضوء من الإناء المغصوب ، وحيث أن القدرة التدريجية متحققة في المقام بالعصيان فلا مانع من الالتزام به ، وذلك لأن الترتب على طبق القاعدة ولا يحتاج الالتزام به إلى دليل بالخصوص ، ولا مانع من الأمر بالأهم والمهم كليهما سوى لزوم الأمر بالجمع بين الضدين المحال إلاّ أن ذلك يرتفع بالتقييد في إطلاق أحدهما فإن الأمر بالغسل أو الوضوء مقيد بالوجدان والأمر بالتيمم وبالاجتناب عن استعمال الآنيتين مطلق في المقام ، ونتيجة ذلك أن الأمر بالغسل أو الوضوء مشروط بعصيان الأمر بالاجتناب والتيمم ، وذلك لأنه لو عصى وتناول الماء من الآنيتين بالاغتراف تحققت القدرة على غسل الوجه في الوضوء ، وحيث إن المكلف عالم بعصيانه مرة ثانية فثالثة فهو متمكن من غسل يديه متدرجاً والقدرة التدريجية كافية في الواجب المركب على الفرض ، فلا مانع من الحكم بصحة الغسل والوضوء بالترتب فان حالهما حال الصلاة المزاحمة بالإزالة على ما بيّناه سابقاً فلا نعيد.