مفهومية ، كما إذا شك في الظروف غير المعدة للأكل أو الشرب من جهة الشك في سعة مفهوم الإناء وضيقه ، وأنه هل يشمل الإبريق مثلاً أو يختص بما أُعد للأكل أو الشرب منه ، وقد تكون موضوعية كما إذا لم يدر لظلمة أو عمى ونحو ذلك أن الهيئة هيئة صندوق مدور أو إناء.
أما إذا شك في الهيئة من جهة الشبهة الحكمية فلا بد من الفحص عن مفهوم الإناء وبعد ما عجز عن تشخيصه رجع إلى استصحاب عدم جعل الحرمة لما يشك في صدق الإناء عليه ، لأن مرجع الشك في سعة مفهوم الإناء وضيقه إلى الشك في ثبوت الحرمة وجعلها على الفرد المشكوك فيه ، ومقتضى استصحاب عدم جعل الحرمة عليه جواز الأكل والشرب منه. وعلى تقدير المناقشة في ذلك ، أصالة البراءة عن حرمة استعماله هي المحكّمة.
وأما الشك في الهيئة من جهة الشبهة الموضوعية فهو أيضاً مورد للحكم بالإباحة وذلك لأن اتصاف المادة بهيئة الإناء أمر حادث مسبوق بالعدم ، لعدم كونها متصفة بها من الابتداء ، فمقتضى الاستصحاب النعتي عدم اتصافها بهيئة الإناء. ومع الغض عن ذلك أصالة البراءة عن حرمة استعماله مما لا محذور فيه.
وأما الشك فيه من جهة المادة فالشبهة فيه موضوعية غالباً ، كما إذا لم يدر مثلاً أن مادة الإناء ذهب أو نحاس ، وجريان الاستصحاب حينئذ يبتني على القول بجريانه في الأعدام الأزلية ، وذلك لأن المادة قبل وجودها لم يكن اتصافها بالذهب موجوداً يقيناً وبعد ما وجدت المادة وشككنا في تحقق اتصافها بالذهب نستصحب عدمه ، وكذلك الحال فيما إذا شككنا في كونها فضة ، فبهذا الاستصحاب يثبت أن المادة ليست بذهب ولا فضة فيجوز استعمالها مطلقاً. ومع المناقشة في جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية أصالة البراءة عن حرمة استعمالها مما لا مزاحم له.
نعم ، قد يشك في المادة من جهة الشك في سعة مفهوم الذهب وضيقه ، كما إذا شك في أن مفهوم الذهب أو الفضة هل يصدق على مادة الإناء ، والمرجع حينئذ هو استصحاب عدم جعل الحرمة لما يشك في كونه ذهباً أو فضة ، أو البراءة عن حرمة استعماله على تقدير المناقشة في الاستصحاب.