[٤٣٩] مسألة ١٩ : إذا علم ببقاء شيء من البول في المجرى يخرج بالاستبراء ،
______________________________________________________
حرمتها لكونها ميسورة له ، وقد تقدم أن الاضطرار إلى أحد أطراف الشبهة لا يوجب سقوط العلم عن التنجيز بالإضافة إلى حرمة المخالفة القطعية ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون المكلف قاصداً للوصول إلى الحرام من الابتداء وعدمه ، وإن كان القصد إليه أشنع ، فعلى ذلك لا يكون التخيير استمرارياً وإنما هو بدوي ، هذا.
وقد يقال : إن التخيير استمراري في المقام ، وله أن يختار في كل مرة جهة غير الجهة التي اختارها أوّلاً ، بدعوى أنه إذا بال إلى جميع الجهات وإن حصل له العلم بالمخالفة القطعية ، إلاّ أنه يعلم حصول الموافقة القطعية أيضاً ، لعلمه بأنه بال إلى غير القبلة في بعض الجهات ، لأن الجوانب ليست قبلة بأجمعها ، وأما إذا اقتصر على ما اختاره أوّلاً فهو لم يرتكب المخالفة القطعية بالوجدان ، إلاّ أنه لم يحصل العلم بالموافقة القطعية أيضاً ، لاحتمال أن تكون القبلة هي الجهة التي قد اختارها للتخلي ، فالموافقة والمخالفة احتماليتان ، والأمر يدور بين المخالفة القطعية المستلزمة للموافقة القطعية ، وبين الموافقة الاحتمالية المستلزمة للمخالفة الاحتمالية ، وهما سيان عقلاً ولا ترجيح لأحدهما على الآخر ، هذا.
ولا يمكن المساعدة على ذلك ، لأن المخالفة الاحتمالية المقرونة بالموافقة كذلك لا يمكن مقايستها بالمخالفة القطعية المستتبعة للعلم بالموافقة القطعية ، لما بيّناه في المباحث الأُصولية من أن المخالفة الاحتمالية بالترخيص في بعض الأطراف أمر ممكن لا قباحة فيه ، وإنما لم نلتزم بجوازها لقصور أدلة اعتبار الأُصول العملية وعدم شمولها للأطراف ، إذ شمولها لبعضها المعيّن لا مرجح له وشمولها للجميع يستلزم الترخيص في المعصية ، وشمولها لبعضها غير المعيّن لا معنى محصل له ، وهذا بخلاف المخالفة القطعية ، لأن الترخيص فيها قبيح وإن كانت مستتبعة للعلم بالموافقة القطعية. وعلى الجملة ، العقل لا يرخص في المخالفة القطعية تحصيلاً للعلم بالموافقة القطعية (١).
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٣٤٨ ، ٣٥١.