ويرد على هذا الاستدلال أن الموثقة إنما وردت لبيان ما هو المعتبر في الوضوء وذلك بقرينة السؤال لأن السائل إنما سأله عن الوضوء الذي افترضه الله على العباد وليست بصدد بيان ما يجب في تطهير مخرج البول ، فلو دلّت الموثقة فإنّما تدل على اشتراط الاستنجاء في صحّة الوضوء ، كما يأتي عند التعرّض لتلك المسألة.
اللهمّ إلاّ أن يقال إن السؤال فيها وإن كان عن الوضوء إلاّ أنه عليهالسلام تصدّى لبيان ما يعتبر في الوضوء ، وما هو مقدمة له من غسل الذّكر وتطهير موضع الغائط أيضاً تفضّلاً ، إذن الموثقة مطلقة والجواب عنها على ذلك يأتي في الجواب عن رواية نشيط فانتظره.
ومنها : حسنة ابن المغيرة عن أبي الحسن عليهالسلام قال « قلت له : للاستنجاء حد؟ قال : لا ، ينقي ما ثمة ... » (١) لأنها تقتضي بإطلاقها كفاية مجرّد النقاء في الاستنجاء ، سواء أكان بالغسل بالماء أم بغيره ، وعلى تقدير الغسل بالماء غسل مرّة أو مرّتين.
وفيه : أن الاستنجاء لغة بمعنى إنقاء موضع الغائط بالغسل أو المسح ، لأنه من النجو فلا يشمل موضع البول بوجه ، وإن كان في كلمات الفقهاء قدسسرهم يستعمل بالمعنى الأعم. على أنه لو كان شاملاً لغسل موضع البول في نفسه ففي الرواية قرينة على عدم إرادة المعنى الأعم ، وذلك لما ورد في ذيله من قوله : « قلت ينقي ما ثمة ويبقى الريح؟ قال : الريح لا ينظر إليه » ومن الظاهر أن الريح يختص بالغائط ، فالمراد بالاستنجاء في الحسنة هو إنقاء موضع الغائط فحسب.
ومنها : صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا انقطعت درّة البول فصبّ الماء » (٢) لأن قوله : « صبّ الماء » بإطلاقه يقتضي جواز الاقتصار بالصب مرّة واحدة.
ويندفع بأن الصحيحة بصدد بيان أن الاستبراء من البول غير معتبر في طهارة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٢٢ / أبواب أحكام الخلوة ب ١٣ ح ١.
(٢) الوسائل ١ : ٣٤٩ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ١.