الحشفة دفعة واحدة أيضاً ، وذلك لأن الماء إذا امتزج بشيء آخر بمقدار الثلث خرج عن إطلاقه ، فلو امتزج كرّان من الماء بمقدار كر من البول سلب إطلاقهما لأن الثلث لا يندك في الثلثين حتى لا يؤثر فيهما.
فالمتحصل أن كفاية المرة إنما تستفاد من إطلاق الرواية. إذن لا مانع من تقييدها بغيرها مما دلّ على اعتبار التعدّد في البول ، لصحيحة البزنطي قال : « سألته عن البول يصيب الجسد؟ قال : صب عليه الماء مرتين » (١) وغيرها من الأخبار الدالّة على المراد ، ومقتضى الجمع العرفي بينهما حمل المطلقة على بيان كم الماء اللاّزم في غسل مخرج البول ، من دون أن تكون متعرضة لكيفيته من أن المثلين يصبان مرة أو مرتين فان المدار في كيفية الغسل على المقيدات وهي تقتضي لزوم الصب مرتين.
هذا وقد يقال كما عن غير واحد إن صحيحة البزنطي وغيرها من المقيدات المشتملة على كلمة « الإصابة » منصرفة عن مخرج البول ، لأن ظاهر الإصابة إصابة البول للجسد من غير الجسد ، ولا تشمل البول الخارج من الجسد.
وهذه الدعوى لا يمكن تتميمها بدليل ، وذلك لأن الإصابة بمعنى الملاقاة وهي تعم البول الواصل من الجسد إلى الجسد ، فلو ورد : اغسل بدنك مما يصيبه من النجاسات ، فهل يشك في شموله للدم أو المني أو غيرهما من النجاسات الخارجة من البدن. على أن العمل بظاهر الرواية غير ممكن في نفسها ، لأنها تدل على كفاية مثلي ما على الحشفة من البلل ، وهو عبارة عن الأجزاء اللطيفة المتخلِّفة في المحل ، ونسبة البلل الموجود على الحشفة إلى القطرة كنسبة الواحدة إلى العشرة ، إذ القطرة الواحدة يمكن أن تبلل بها الكف مثلاً ، ونسبة مخرج البول إلى الكف كنسبة الواحد إلى العشرة أو ما يقاربها ، فما على الحشفة من البلل عشر القطرة تقريباً ، ولا شبهة في أن مثلي عشر القطرة لا يستوعب مخرج البول استيعاباً يصدق عليه الغسل عرفاً.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٩٦ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٧ ، ١ : ٣٤٥ / أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٩.