مع أن مقتضى الأدلّة ومنها موثقة يونس بن يعقوب المتقدِّمة (١) المشتملة على قوله عليهالسلام « يغسل ذكره » اعتبار الغسل في تطهير مخرج البول فظاهر الرواية مما لا يمكن العمل به ، وأما العمل على خلاف ظاهرها بحمل البلل على القطرة كما عبرنا بها آنفاً فهو أمر يحتاج إلى دليل ، لعدم حجية الرواية فيما يخالف ظاهرها. هذا كله في رواية نشيط ، وقد ظهر بذلك الجواب عن موثقة يونس المتقدِّمة أيضاً بناء على أنها مطلقة إذ لا بدّ من تقييدها بصحيحة البزنطي وغيرها من المقيدات.
ثم إن لنشيط رواية أُخرى في المقام وهي مرسلة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « يجزئ من البول أن تغسله بمثله » (٢) وهي مضافاً إلى إرسالها قاصرة الدلالة على المدعى ، لأن الضمير في « بمثله » غير ظاهر المرجع ، فهل يرجع إلى ما على الحشفة وهو غير مذكور في الرواية ، أو يرجع إلى البول ومعناه إنه لا بدّ من غسل البول بمثله من الماء ، والظاهر أنها بصدد بيان أن البول كالماء ، فكما أن غسل الماء المتنجِّس لا يحتاج إلى مسح أو دلك ونحوهما فكذلك البول يرتفع بصبّ الماء عليه من دون حاجة إلى دلكه ، وهذا بيان للحكم المترتب على البول على نحو الإطلاق فلا اختصاص له بمخرج البول ، لأن الوارد في الرواية مطلق البول ، وقد صرح بذلك في مرسلة الكليني : « وروى أنه يجزئ أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة وغيره » (٣) كما صرح بعدم اعتبار الدلك فيه في مرسلته الثانية : « روي أنه ماء ليس بوسخ فيحتاج أن يدلك » (٤) فالضمير على ما ذكرناه راجع إلى البول بالمعنى المتقدِّم ، فلا دلالة لها على كفاية المرّة بوجه.
ومنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « لا صلاة إلاّ بطهور ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأما البول فإنّه لا بدّ من غسله » (٥) لأن مقتضى إطلاقها جواز
__________________
(١) المتقدِّمة في ص ٣٥٢.
(٢) الوسائل ١ : ٣٤٤ / أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٧.
(٣) ، (٤) الوسائل ١ : ٣٤٣ / أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٢ ، ٣ ، الكافي ٣ : ٢٠ / ٧.
(٥) الوسائل ١ : ٣١٥ / أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ١.