الاقتصار على الغسل مرة واحدة.
والجواب عن ذلك ، أن الصحيحة إنما سيقت لبيان الفارق بين المخرجين وأن مخرج الغائط يكفي فيه التمسح بالأحجار دون مخرج البول ، ولم ترد لبيان كفاية المرة في البول. هذا مضافاً إلى أنها على تقدير إطلاقها كرواية نشيط المتقدِّمة وغيرها لا بدّ من أن يقيد بما دلّ على لزوم التعدّد في البول كما مر.
وعلى الجملة : أن التعدّد في غسل مخرج البول لو لم يكن أقوى فلا أقل أنه أحوط.
تتميم : لقد تلخص عمّا سردناه أن الأخبار المستدل بها على كفاية المرة بين ما ليس بصدد البيان من تلك الناحية كصحيحة زرارة وغيرها ، وبين ما لا يعتمد على سنده على تقدير دلالته. بقي الكلام في صحيحة البزنطي المتقدِّمة وغيرها من الأخبار الواردة في تعدد الصب أو الغسل فيما أصابه البول ، فان منعنا دعوى انصرافها إلى إصابة البول للجسد من غير الجسد كما عرفت فلا كلام فيما قويناه آنفاً من اعتبار التعدّد في مخرج البول ، وأما لو قلنا بانصراف الأخبار إلى إصابة البول من غير الجسد كما لعلّه معنى الإصابة في صحيحة داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض .... » (١) لوضوح أن الإصابة لا يمكن أن يراد بها ما يعم إصابة البول الخارج من الجسد للجسد ، حتى يشمل مخرج البول ، فان قرضه بسبب البول يستلزم انعدامه متدرجاً فيمكننا الاستدلال على اعتبار التعدّد بأن الأمر بالغسل إرشاد إلى النجاسة كما مرّ غير مرّة ولا فرق في نجاسة البول حسبما هو المرتكز في الأذهان بين مخرج البول وغيره.
ثم لو تنزلنا عن ذلك أيضاً ومنعنا ارتكاز التسوية بين البول الخارج من الجسد والطارئ من غيره ولو باحتمال الفرق بينهما لدى العرف فلا محالة تصل النوبة إلى الأُصول العملية ، لعدم جواز التمسك بإطلاق الأدلّة الدالّة على كفاية الغسلة الواحدة
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٣٣ / أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٤ ، ٣٥٠ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٣.