رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) وقد قيدت المجزئ من الاستنجاء بالثلاث ، وحيث إنّا نلتزم بمفهوم العدد بالإضافة إلى الأقل ، لأن المتفاهم العرفي في مثل قولنا : الإقامة عشرة أيام موجبة لإتمام الصلاة ، عدم وجوب الإتمام في الإقامة بما دون العشرة ، فلا مناص من الالتزام بعدم إجزاء ما دون الأحجار الثلاثة في المقام ، فهي صالحة لتقييد الموثقة المتقدِّمة بما إذا كان إذهاب الغائط في التمسح بالثلاث.
هذا وقد نوقش في التقييد بهذه الصحيحة من وجوه :
الأوّل : استبعاد وجوب التمسح ثانياً وثالثاً بعد النقاء ، لأن المسح وقتئذ لغو ظاهر لا يترتب عليه أي أثر.
ويبعده أن الأحكام التعبدية لا سبيل إلى استكشاف ملاكاتها بالوجوه الاعتبارية والاستحسانات ، ومن المحتمل أن يكون الملاك في وجوب التمسّح ثلاثاً أمراً آخر وراء النقاء ، ونظائر ذلك كثيرة في الشريعة المقدّسة. منها : وجوب الغسل مرّتين كما في المتنجِّس بالبول ، لأنّا إذا بالغنا في الغسلة الاولى في غسله وأزلنا عنه العين وأثرها لم يترتب على الغسلة الثانية أثر حينئذ ، مع أنها معتبرة في الحكم بطهارته. ومنها : وجوب الغسل ثلاث مرات في الإناء ، مع أن العين قد تزول عنه بالأقل من الثلاث. ومن هذا القبيل نفس الخزف المصنوع منه الإناء لأنه إذا صنع بهيئة غير الإناء كفى في تطهيره الغسل مرّة ، وإذا صنع بهيئة الإناء اعتبر فيه الغسل ثلاث مرّات ، مع أن الخزف هو الخزف بعينه. وكذا الحال في إزالة الغائط بالتمسح حيث يختص ذلك بما إذا كان الغائط في المحل ، لأنه إذا كان في غير المخرج لم يكف في إزالته المسح من غير خلاف ، مع أن العذرة هي العذرة بعينها. وعلى الجملة لا مجال لاستكشاف الملاكات بالاستحسان ، وحيث إن الدليل دلّ على وجوب التمسح ثلاثاً فلا مناص من الأخذ بظاهره والحكم باعتبار التعدّد وإن حصل النقاء قبل الثلاث.
الثاني : أن الصحيحة تشتمل على كلمة السنة وهي تحتمل الاستحباب ، ومع احتماله لا يمكن الاستدلال بها على وجوب التمسح ثلاثاً.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣١٥ / أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ١.