أصلاً ولو مرّة واحدة فإنّه حينئذ محكوم بالنجاسة قطعاً ، وأما إذا غسلناه مرّة واحدة فلا محالة يشك في نجاسته وطهارته وبما أنه لا إطلاق لما دلّ على نجاسته ، فلا بدّ من المراجعة إلى الأُصول الجارية في المسألة ، ولا بأس باستصحاب بقاء النجاسة بعد الغسل مرّة بناء على جريانه في الأحكام الكلية الإلهيّة ، وحيث لا نلتزم بذلك يتعيّن الرجوع إلى أصالة الطهارة لا محالة.
وأما على الأوّل فلا مناص من التمسك بإطلاق الدليل عند الشك في نجاسة المتنجِّس وطهارته بعد الغسلة الواحدة ، إلاّ أنك عرفت أن الإطلاق يقتضي كفاية الغسل مرّة في مطلق النجاسات سوى ما قام الدليل فيه على التعدّد.
ثم لو ناقشنا في تلك المطلقات سنداً أو دلالة ولو بدعوى عدم كونها في مقام البيان من تلك الناحية ، فلا بدّ من النظر إلى ما ورد من الدليل في كل واحد من النجاسات فان كان له إطلاق من حيث كفاية الغسل مرّة واحدة مضافاً إلى إطلاقه من حيث بقائه على نجاسته إلى أن يطرأ عليه مزيل فهو ، وإلاّ فلا بدّ من غسله ثانياً حتى يقطع بطهارته ، هذا بحسب كبرى المسألة.
وأمّا تطبيقها على صغرياتها ، فاعلم أن الأدلّة الواردة في نجاسة الأعيان النجسة بأجمعها مطلقة ، وذلك لأنها إنما تستفاد من الأمر بغسلها وإزالتها عن الثوب والبدن أو بإعادة الصلاة الواقعة في ملاقياتها ، والأخبار الآمرة بالغسل مطلقة. فقد ورد في البول « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) ومقتضى إطلاقه كفاية الغسل مرّة واحدة ، وقد خرجنا عن ذلك بما دلّ على لزوم التعدّد في بول ما لا يؤكل لحمه أو خصوص بول الإنسان على الخلاف وكذلك الحال في الغائط لأنه بإطلاقه وإن لم ترد نجاسته في رواية إلاّ أنها يستفاد مما دلّ على نجاسة البول لعدم القول بالفصل بينهما. وأما الغائط من الإنسان فهو لا يحتاج إلى الغسل إذ يكفي في إزالته التمسح بالأحجار ونحوها. وورد في الكلب « إن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ... » (٢).
__________________
(١) كما في حسنة ابن سنان المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.
(٢) كما في صحيحة أبي العباس المروية في الوسائل ٣ : ٤١٤ / أبواب النجاسات ب ١٢ ح ١.