مرّتين ، وهذا لا لأن المتنجِّس يتنجّس ثانياً بل لإطلاق ما دلّ على التعدّد فيما لاقاه بول مثلاً ، إذ معه لا بدّ من ترتيب الأثر الزائد على المتنجِّس وإن قلنا إن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً. فتحصل أنه إذا استنجى بشيء من الأعيان النجسة أو المتنجِّسة لم يكف التمسّح بعد ذلك في تطهير المحل ووجب الاقتصار فيه على الماء ، لإطلاق الأدلّة الدالّة على وجوب الغسل فيما لاقى نجساً.
وأما إذا كان المحل يابساً أو أن العين لم تصبه أصلاً كما إذا أصابت الغائط فقط فالظاهر أن الأمر أيضاً كذلك وأن ما يتمسّح به لا بدّ أن يكون طاهراً ، وهذا يمكن الاستدلال عليه بوجوه :
الأوّل : الإجماع على عدم كفاية التمسح بالأجسام غير الطاهرة. وهذا يمكن المناقشة فيه بما أوردناه على دعوى الإجماع في سائر المقامات.
الثاني : الارتكاز المتشرعي ، لأنه يدل على أن النجس والمتنجِّس لا يكونان مطهرين في الشريعة المقدسة ، ويؤكده أنّا لا نعهد مطهراً من دون أن يكون محكوماً بالطهارة في نفسه ، وعلى ذلك فيعتبر في المطهر أن يكون طاهراً لا محالة.
الثالث : صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « لا صلاة إلاّ بطهور ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأما البول فإنّه لا بدّ من غسله » (١) وتقريب الاستدلال بها أن الطهور أعم من الطهارة الحدثية والخبثية بقرينة ذكر الاستنجاء من الغائط والبول نعم لو لا ذلك أمكن دعوى أن الطهور ظاهره الطهارة الحدثية فحسب ، والطهور على ما قدّمناه في أوائل الكتاب هو ما يكون طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره ، وحيث إنه شرط في الصلاة فلا مناص من أن يكون المستعمل في كل من الطهارة الحدثية والخبثية طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره ، لأنه لو لم يكن مطهراً لغيره أو لم يكن طاهراً في نفسه لم يصدق عليه الطهور ، ويترتب عليه بطلان الصلاة لأنها وقتئذ فاقدة لشرطها وهو الطهور ، فعلى ذلك يشترط الطهارة فيما يتمسح به حتى يصدق عليه
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣١٥ / أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ١.